خَلدُون المسناوي
على بعد حوالي 12 كلمترا من مركز مدينة كلميم ،تستقر قرية هي من أبهى و أجمل القرى المتواجدة بالمناطق الصحراوية ، إنها قرية "أباينُو"التي يكتنفها هدوء مطلق تعيش في كنفه بضعة أسر تستقر في مساكن منفردة بين جبال متعالية بقممها المُخضرَّة نحو علاء السحب ..تحيطها مساحات مشجرة مترامية الأطراف تتعانق وسطها أغصان أشجار الزيتون الناشرة ،عطرها في دقائق الفضاء...
بقلب قرية "أبيانو" التي تقع بين كلميم و سيدي إفني ، تقوم قبة بناية ضريح صغير مربع الجدران ،إنه ضريح سيدي سليمان ، المعروف ببركته بين أبناء القرية و الذي يحج إليه الناس لاسيما من إفني و من كلميم...هذا الضريح تستديره بعض البيوت المهترئة التي يقطن فيها بعض سكان هذه القرية الهادئة ..
غير أن القرية المستقرة في مكان لا يمكن لعين أي إنسان إلا أن تبهر بجماله و زهوه المفرط ،أهم ما تشتمل عليه إلى جانب عين أباينو، هو المسبح الساخن ، الذي يستقدم على طول العام عددا مهما من الزوار الذين يجيئون إليه من أجل غسل أجسادهم داخل أحواض مملوئة بالمياه الساخنة باعتبارها مياها ذات نتائج صحية جيدة على جلد و عظام السابح فيها ،،، هذا المسبح يتكون من حوضين للسباحة ،واحد للرجال و آخر للنساء، الدخول إلى هذين المسبحين هو مقابل مبلغ عشرة دراهم ،من المشاكل التي يعرفها هذا المسبح الساخن الشبيه بمسبح مولاي يعقوب أو سيدي حرازم هو ،أنه لا يتوفر على الدش بحيث أن على كل من قدم إليه أن يستعد كي يغتسل في الدش خارجه بعد بلوغه كلميم ...،إِذِ الحامتين الكائنتين هنا ضعيفتين مقارنة بتجهيز حامات مولاي يعقوب أو سيدي حرازم أو...
من التحديات التي تواجهها قرية "أباينُو" بإلحاح كبير ، هي ، مشكل ضعف التجهيزات ،لسنا هنا نتحدث عن تجهيز الحامات التي ذكرنا وإنما نتكلم عن تجهيز القرية ككلّ، فالقرية لا تتوفر على المقاهي و المنتجعات السياحية التي يمكن أن تستضيف الزوار المتدفقين على هذه المنطقة بشكل هائل،بحيث يُحس بقوة عند حط الأقدام هنا، احتياج الناس إلى أماكن كالمقاهي يرتاحون على موائدها بعد استمتاعهم بالإستحمام ،كما تعاني "القرية" بحدة ،من مشكل انتشار الأزبال بمحيطها و بين طرقاتها الغير المُعتنى بها ،فكل من جرته أقدامه إلى هنا يلاحظ بقوة التهميش الملحوظ من حيث الإنتشار الغير المحدود للنفايات والأزبال في كل مكان ،بقرب ضريح سيدي سليمان ،بجانب المسبح على حافة الطريق ،بجوار بعض المساكن القليلة هنا وبكل مكان في الحقيقة ...كما أن من أبرز المشاكل التي تتخبط فيها قرية أباينو هي غياب الحدائق التي يجب أن تستقبل المتدفقين على القرية، لشم النسيم الطيب الذي ينتجه الإمتداد الأخضر الجبلي الملتف بها ...إلخ..
قرية "أباينُو" الكائنة على بعد 12 كلمترا من مدينة كلميم في اتجاه طريق سيدي إفني ، محاطة من ناحية الجهة المؤدية و القادمة من وإلى سيدي إفني ، بكثبان رملية صحراوية ذات جمال ذهبي باهر تتخللها في تحديقك إليها شجيرات صحراوية جذابة بين المساحة و الأخرى تضفي على القرية بعدا صحراويا يزيدها إلى جانب الإمتداد الأخضر للأجمة المكتسحة للمحيط القريب لبنايات المسبح الساخن الزاحفة جبالا في الطريق المؤدية إلى منطقة "تكونفل" ،جمالا على جمال.. إن قرية "أبيانو" واحدة من القرى التي تتوفر على تنوع مذهل في النسق الطبيعي ،رمال صحراوية و أجمة خضراء.. من الصعوبة أن يوجد مثله في منطقة أو قرية أخرى ...
الشمس صيفاً جميلة في كل مكان ،و لكنها أكثر من جميلة في قرية أباينو ..أباينو في الربيع أجمل منها في فصل الشتاء لأنها تخلو فيه من أوحاله و أنوائه المُبَعثِرة ،و لكونها لا تغرق في أمطاره جراء هوان بنيات الصرف الصحي المُجحف..
للقدوم إلى قرية "أباينُو" من كلميم أو للرجوع من أبيانو إلى كلميم، هناك سيارات الأجرة. التوصيلة ب: 7،5 درهم ،هناك أيضا الخطافة الذين يختلطون بعرباتهم بسيارات الأجرة بحثا عن لقمة العيش ،العربات لا عربات الأجرة ولا عربات الخطافة،يقلون ركابهم في جو من الضيق داخل العربات، التي تقف على قارعة الطريق على بعد أمتار من المسبح المذكور ،عربات النقل هذه ليست دائما تجدها متوفرة من أبيانو إلى كلميم ،مما يطرح مشكلا حقيقيا أحيانا كثيرة في العودة بالنسبة لزوار المسبح و الأماكن الخضراء الملتفة به ...
الإعتناء بقرية "أباينُو" الجماعة القروية التابعة لإقليم كلميم من الناحية التجهيزية وكشط الأزبال بانتظام و إزالتها من بين أحضانها،سيمكِّن هذه القرية لا محالة من اجتذاب أموال مهمة من السياح،ستدفع حتميا لرؤية تطويرية للبعد السياحي للقرية مستقبلا،كما سيُصَيِّر سكانها وكذا زوارها أكثر استفادة من جوها الطبيعي الصحي الذي يسطع به سحراها الصحراوي و الأخضر.. قرية "أباينو" الكلميمية قرية تستحق صرف مجهود كبير من طرف المنتخبين ,حفاظا على ثروتنا الطبيعية و كذا اهتماما بالسياحة ، أبرز الأساسات المُرتكز عليها لرفع اقتصادات الدول ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق