الجمعة، 29 مايو 2015

مَدينة الصويرة المغربية ... مَدينة جميلةٌ جميلةٌ جدا ...





خَلدون المسناوي

مدينة الصويرة "المشتق إسمها من الصواري" .. مدينة صغيرة المساحة و قليلة الساكنة تقع بين آسفي وأكادير، الأجمل ما يكن ..  صيتها منتشرٌ في العالم كله من خلال المهرجان الكوني" مهرجان كناوة" الذي يتدفق إليه من المغرب و من دول أخرى، مرة في العام كثير من الزوار ، على أن مدينة الصويرة عاجة بالسياح على طول العام وإن كان ليس بنفس الحدة المشهودة أيام المهرجان ذاك .. المدينة معروفة بأشياء جذابة شتى : السمك الجيد ،  شذا التاريخ : المدينة العتيقة "القصبات" ، الفن : مهرجان كناوة و محلات معارض اللوحات الفنية  و زخرفة العرعار والسروج ، السياحة الشاطئية : السباحة، رياضات التزلج فوق الماء، الطبيعة : الجُزُر...إنه لا غرو البتة  إن قلنا أن مدينة الصويرة تتوفر على رأسمال تاريخي و فني و بحري  و بشري "الشباب" ،،،إلخ... يحتم أن يجعل منها مدينة من المدن المهمة المُنَمِّية للتطور الاقتصادي لبلدنا ... إلخ إلخ ...




ميناء مدينة الصويرة القديم يرجع تأسيسه إلى "محمد ابن عبد الله"  ... ميناء تستديره أسوار يرجع تشييدها لمدة زمنية طويلة ، يُدخِل إليه ، باب مقوس تشمخ عن كلا جانبيه قصبتين اثنتين مرتفعتين ، بعد تخطي الباب المقوس تلوح عن يمينك أقواس يتبين لك ،أنها الرافعة "السارية" للقصبة الآتية عن يمين الباب المذكور .. تتوزع في الميناء أشياء كثيرة هنا و هناك ... بواخر الصيد الصغيرة، منتثرة على المياه المتدفقة في انبساط، بوسط المرسى على حواشي"جوانب" الأحجار المشكلة لحواف الميناء.. بواخر أخرى تسطع لك من بعيد قادمة في سكينة للميناء .. الصيادة يجعلون لأقدامهم أوضاعا محكمة بشدة فوق سطح بواخر الصيد أثناء انحنائهم لفكِّهم عقد شباك السمك المُستخرج من أعماق البحار وملأ سطول موضوعة أمامهم به  ،آخرون يتسلمونه "السمك" من سطولهم و يملأون به صناديقهم بعد وزنه في الميزان ...إلخ إلخ ... كان لغط كثيف تتداخل فيه ضروب من الأصوات قادم من بواخر الصيد تُغطِّيه صياحات باعة للأسماك "فوق موائد خشبية مربعة" على بعد مسافة ظئيلة منهم "من البواخر"...إلخ .. في جانب من الميناء على الناحية المطلة على الجزيرة المقابلة للسقالة الضامة في نوافذها للمدافع يتواجد مطعمان تقليديان ، الموائد مبسوطة إلى الهواء الطلق و الهواء الساخن يتعالى مِن صحون السمك المشوي للتوّ تحت منظر طيور اللقلاق الناصعة البياض الخافقة بأجنحتها على ارتفاع خفيض من المرسى... عند الباب المقوس المولج للميناء،يستطيل صف من عربات بيع عصير الليمون البارد ،هؤلاء الذين تجدهم طبعا  هنا  فقط في فصل الصيف ...إلخ إلخ ...

ميناء الصويرة القديم يطل على ثلاثة جزر الأبهى والأسطع ما يكن .. الجزيرة الأولى و هي الأقرب للميناء ، بناها محمد بن عبد الله ، يسميها سكان الصويرة أيضاً "دار السلطان" وهي الجزيرة التي صُوِّرت منها الصويرة  ك "بطاقات للبوصطال" في أغلب الصور للصويرة المتواجدة لدى الأكشاك... الجزيرة هذه يمكن بلوغها مشيا على الأقدام عندما يكون البحر في حالة جزر ، عدا ذلك أي في حالة امتددا البحر على اليابسة ، فلا يمكن الوصول إلى الجزيرة  هذه عدا بامتطاء مركب خشبي صغير ،شأن إذا كنت تريد بلوغ الجزيرة المصنفة من لدن "اليونسكو" تراثا حضاريا ، الجزيرة الواقع على أرضها مسجد و سجن قديم و طائر غريب نادر إسمه "أفلكاي" يأتي مرة إلى الجزيرة ثم يرحل طيلة العام إلى أمريكا ...إلخ إلخ ... ثم هناك الجزيرة الثالثة ، و هي الكائنة على الساحل بمدخل الصويرة من ناحية آسفي ،المسماة ب: "جرف الحمام" ... على أنه يمكن أن نضيف مما يمكن أن نتكلم عنه فيما يخص الجزر الواقعة على ساحل الصويرة الشامخة، "برج البارود" الذي تصله بعد قطعك لرمال شاطئ الصويرة كلها في اتجاه أقصى البحر .. برج البارود هذا يضم بجواره دارا للسلطان يسميها الناس هنا : "دار السلطان المهدومة"...


بمدينة الصويرة أو تموزيكا "مكان آمن للسفن" .. ، هناك ثلاث "سقالات" .. إثنان بالمدينة العتيقة ،و واحدة تستقر على بعد هذه بحوالي ثلاث كلمترات، بالمدينة الجديدة أو "الديور الجّْدَادْ" كما يسميها الصويريون ..بالمدينة  العتيقة هناك سقالة بناها البرتغاليون  ينتشر على دكاكينها التحتية حاليا باعة المواد التقليدية من مصنوعات عرعارية إلخ... "الدكاكين التي كانت تعتمد في الماضي السحيق ، كمخزن للأسلحة... و هناك كذلك سقالة الميناء المتكونة من قصبتين اللتان تلجهما بعشرة دراهم ..

السقالة الجديدة : 
تستقر السقالة الجديدة ، بجانب زاوية ركراكة التي يتم فيها موسم كل عام ، يسمى هنا بموسم ركوب العروس لركراكة ، بحيث تُركّب عروس بكامل  ثياب و حلي العروس فوق الحصان أو "العودة" كما يسميها ركراكة  و يتم المرور بها وسط عصبة من الأشخاص متحلقين حولها من قرب محطة الحافلات ، ليتم إدخالها بعدئذ ،من "باب دكالة" إلى زاوية الخضارة ... بجانب هذه السقالة الجديدة يجر بصرك صف طويل من عربات مجرورة ملونة بالأزرق الفاتح .. تذهب من مكانها، ناحية مقر المزرعة قرب طريق "سيدي مكدول" ،العاملين بهذه العربات المجرورة و عاملين كثر في حرف متعددة تجذب دراهم قليلة، يأتون من نواحي الصويرة ، بادية الصويرة "الشياظمة" المستقرين على بعد 40 كلم منها "الصويرة" .. 


مدينة " الرياح" كما يحلو للبعض تسميتها ،كذلك يجب القول أنها، تستقطب العديد من السياح الأوروبيين القاصدين لها من أجل الإستمتاع بالتزلج على إيقاع أمواج شاطئها الرائع ، المحتضن في جهة منه بيوتا صغيرة مخصوصة للوازم التزلج "الكيت ـ سورف" ... شاطئ موكادور ، تجتاح سطح مياهه سرعة توافق شروط التزلج ب"الكيت ـ سورف" على شتى أنواعها ... كما يتوفر هناك بعيدا في اتجاه رصيف الطريق، على رمال تشبه رمال الصحراء المتخللة بالعشب تلك التي تجدها في السمارة أو في حواشي الداخلة... إلخ إلخ... المنغمرين في الألعاب المائية "الكيت ـ سورف"  بشاطئ الصويرة كلهم بلا استثناء أوروبيين فلا وجود للمغاربة إطلاقا بينهم ... الأوروبيين أيضاً الذين تجدهم  يمتطون "الدراجات النارية الرباعية العجلات" ويجرون بها فوق رمال الشاطى المنبسطة المحاذية  لتدفق أمواج البحر ... توقفت في مكاني على رمال شاطئ الصويرة الهادئ لبضع ثوانٍ بينما كنت أعدل ياقة تجاكيطتي الجلدية ناظرا لعصبة من السحنات الأوروبية الجميلة المشعة بالحياة أمامي !  و قلت في مسمع مني!  مغضنا جبيني بتحسر مُمعن لو كنت أبصرتني : ( المغاربة تُعساء... ولا يمكن أن تعيش معهم إلا تعيساً يا خَلد... لا يفهمون عدا شيئا واحدا سوى المال وعندما يحصلونه ولو بكثرة حتى، لا يرتكبون مثل هذه الأشياء الجميلة "الكيت ـ سورف على سبيل المثال"..)...  لاحظ! ... فالمسألة مسألة تصورات لا مسألة مال ،غادر هذه البلاد كلهم كذابون! ، كلنا! كلهم كِلا..! ) ... بعد ذلك ببرهات قليلة وجدتُنِي أشق طريقي بين الأعشاب النابتة في الرمال شبه الصحراوية متجها نحو الطريق ...إلخ إلخ...



سرتُ من جانب "باب دكالة" من جوار موقف حافلات "لِما باص" الملونة بالأزرق .. اخترقت الباب و تقدمت في السير بخطى متفاوتة الإتساع ..المزاج رائق،  الطريق مليئة بالمارة ،و الحوانيت على الناحيتين تعرض سلعها على الأنواع ... عدد كبير من الشحاذين الممزقة ثيابهم يجثمون هنا وهناك... كانت الصويرة بأروقتها و منعطفاتها الجميلة  قد بدأت تنطبع في كينونتي بعد قضائي فيها بضعة أيام ... اقتعدت مقعدا بمقهى  احتسيت فيها قهوة سوداء لبعض الدقائق ثم نهضت و انعطفت لساحة مولاي الحسن ،مررت من جانب،حفيف أغصان شجيرات بعثت السكينة في نفسي والواقية الشمسية لمقهى فرنسا تبدو لي قبالتها ترفرف في نسيم المساء ...تلفت يمينا، فتاتان أمريكيتان فيما أعتقد تسيران بهدوء من جانبي الأيسر ، اقترب من ورائهما شابان مغربيان و شرعا يتلفظان باللغة الإنجليزية صوب الفتاتين : يمكنكما قضاء ليلة لطيفة معنا . و نريد أن نخبركما أننا لا ننسى أثناء حلول الليل الأشياء الجنسية! . تحمست بإسراف أن أسلط بصري بفضول على تعبيرات وجهَيْ الفتاتين اللتين انتشر في سحنتيهما احمرار خفيف بعد أن لاح لي في عينيهما أنهما يصغيان بتركيز للشابين ..  .. بعد ثوان قليلة سيتطور المشهد لحد غير متوقع،بحيث سيُستل أحد أولاء الشابين الذي أتذكر وأنا أكتب الآن أنه كان يعتمر طاقية سوداء  مطرزة بالأحمر في طرفها ، ورقة صغيرة من جيبه ، وسيقترب متقدما للأمام من إحدى الفتاتين ،لا أنكر في هذه اللحظة أني أحسست بشعور غريب !..بحيث سيوقفهما و يقدم لإحداهما الورقة، قائلا : هذا رقم هاتفي ! ... كنت قد تقدمت في السير عليهما إذ لم يكن ممكنا أن أتوقف للتمكن من استئناف سماعهما، ولكنني من خلال تتبعي لما جرى من البداية ... فهمت أن هذا أسلوب يسلكه بعض الشبان هنا مع السائحات الأجنبيات اللواتي في سنهم لاستقدامهم من أجل العلاقة الحميمية..كانت منهما واحدة جميلة على أن الأخرى لم تكن خلاف ذلك لكنها لم تثرني "حسب ذوقي هذا ليس أكثر"... وجدتني بعد وقت قصير منجرا بين زقاق  متعرج يغور كلما تقدمت في السير فيه، سألت رجلا طاعنا في السن مرابطا إلى محله اللامعة واجهته الزجاجية بسلاسل و أقراط ،فضية  ... السلام ، ما اسم هذا الزقاق ،أجابني بترحيب : هذا بوطويل ...شكرته ثم استمريت في المشي إلى أن انبثقتُ ل"سقاية" تؤدي من زقاق متسخ الأرض جنبها إلى "الملاح" ...إلخ إلخ ... درت في زقاق متعرجة كثيرة ثم عدتُ أدراجي إلى الفندق ...


حين خرجت من فندق " الماجستيك " الكائن بدرب "العلوج" ،كان بي جوع رهيب. إن الظلام يتدفق الآن من خلال  أضواء الحوانيت  المشتعلة من حولي وأنا متوقف قرب الفندق، ولم أكن منذ الفطور بالصباح قد تناولت شيئا بعد. خرجت من درب العلوج ، وسرت بين المارة  بخطى تابثة نحو ساحة الخيمة. دخلت مطعما كبيرا واقعا بالساحة نفسها . كان في جيبي مائة و خمسة وسبعون درهما بالتمام. لقد عاهدت نفسي في سيري من الفندق إلى المطعم الذي دام بعض الدقائق ،أن أبقي ثمانين درهما مما عندي من مال لاقتناء زجاجة فودكا أو دجين أحتسيها في متأخر الليل و صرف ما تبقى بجيبي وإن اقتضى الأمر كله ، في وجبة شهية أسد بها جوعي. طلبت سلطة و قطع لحم مشوي.  و ما زلت أذكر أن المطعم كان  خاليا من أي مغربي ، وكنت الوحيد الجالس بمفردي وسط عدد لن يقل عن عشرة أشخاص في قاعة واسعة أكثر من نصف موائدها فارغ . أنهيت تناول السلطة واللحم  و كسرات الخبز المحشوة في سلة ،مسحت يداي بورق شفاف موضوع فوق المائدة ..شيء رهيب رهيب ،إنني الآن في هذه اللحظة بِهذا المطعم ،إنما أفكر و أنا أنظر إلى قتامة الظلام فوق مباني منازل مضاءة النوافذ من خلال نافذة بجواري في، مشهد ملاحقة الشابين المغربيين للأجنبيتين ،متسائلا  إذا ما كانت تلك الفتاة الأمريكية المحمرة الخدين  الباهرة الجمال التي رأيت بدرب العلوج ، اتصلت فعلا بذلك الشاب بدافع رغبة قدومها له ... إلخ إلخ ... انسلخت من تفكيري في ذلك بعد قرابة دقيقة زمن. لبثت ساكنا مرتفقا المائدة لحظات طويلة، إلى أن انتبهت إلى أنني أطلت الجلوس كثيرا .. فهممت للخروج. إلخ إلخ..



مدينة الصويرة المغربية ، مدينة جميلة جدا بكل ما تحتويه من مقومات وفي كافة الإتجاهات  .. و سكانها يتميزون بلطف خاص لا يتوانون إبدائه في أي وقت لزوارها المخلصين من كل مناطق العالم .. غير أن السياحة و ما تتوفره المرسى من حيوية اقتصادية يبقيان السند الوحيد ل "العمل" بالنسبة للشباب الذي لا مجازفة إن قلنا أنه يعاني أشد المعاناة مع لقمة العيش في مدينة يلزم على القائمين عليها توسيع مقدراتها الإقتصادية بغرض جلب سواح جدد و كذلك لاستيعاب اليد العاملة من الشباب الصويري الذي صار يدخل يوما بعد يوم في عداد العطالة ...إلخ إلخ ...


الصورة : "خ،م" بساحة مولاي الحسن بجوار ميناء مدينة الصويرة.



الخميس، 21 مايو 2015

مَدينة أزرو المغربية بالأطلس المتوسط... مدينة ساكِنة و شعبية لمنتهى الحدود ...












خَلدون المسناوِي


 "أزرو" المغربية المتواجدة بالأطلس المتوسط البالغ عدد سكانها حوالي 60 ألف نسمة  ، مدينة ثلجية  تكسو سطوحها القرمدية و أشجارها وأرصفة شوارعها، العواصف الثلجية مع كل قدوم للشتاء، مثلها في ذلك مثل إفران والحاجب و ..."مدن المرتفعات"، ...إنها مدينة بهية لا تبعد سوى ببعض مسافة قليلة على "مدينة إفران الملكية"، والتي العيش فيها رخيص وشعبي عن هذه، المرتفعة من حيث تكاليف الحياة إذا ماقارناها  بأزرو لاسيما إذا تكلمنا عن ظروف المعيشة المنخفضة خلف جدران "المدينة القديمة" بهذه المدينة.. 





المدينة العتيقة لأزرو، مدينة أخاذةٌ  تجتذب الإعجاب بوفرة ، بعد اجتيازك بابها الرئيسي ، تجد نفسك في ساحة متسعة تحف جوانبها بِضعُ فنادق وبعض محلات المطاعم تتخللها حركة وفيرة للزبائن.. إنك في ساحة "مولاي هاشم بن صالح" ، الساحة المتواجدة بقلب "السويقة المجاورة للقيسارية المطلة على باعة المأكولات ... ... للمدينة العتيقة لأزرو ثلاثة أبواب : باب السويقة ، باب القيسارية ، و باب البارك .. بجانب هذا الأخير ينتصب مقر باشوية أزرو ... باب القيسارية  المجانب لمقهى بلال ، تنسل منه الزنقة الرئيسية لباب القيسارية التي، تُباع بها السلع التقليدية بكل أنواعها،ويحث المارة منها الخطى بكثافة وازدحام و تثاقل، والتي كذلك تُخرِّج إلى مسجد "النور"...إلخ إلخ ...مسجد "النور" المحاذي لمحطة الطاكسيات المؤدية لكل الإتجاهات "كل المدن" ،والذي تمتد بجانبه ساحة مستديرة تتوسطها شجرتان سامقتان تضفيان طابع الأناقة على الساحة ..بينهما عمود شديد الإرتفاع تبرق في ذروة علوه ثلاثة مصابيح تسطع ضوء اً أصفرا قاتماً نافذا على جوانب الساحة المستدارة بعتبة "بعلو مقعد" ، يضفي جوا من الحميمية و الدفئ النفسي... إلخ إلخ ... 




مدينة أزرو ،وكيلا ننسى، لا تتسم فقط بجمالية البياض الناصع للثلوج المتهالكة على جبالها و سطوح منازلها القرمدية وإسفلت طرقها، لا، ليستوجب علينا كذلك القول أنها تتميز بخلوها من المصانع المفرزة لعوامل التلوث  ، فهي مدينة يعب في جوها هواء نقي "صحي" طيلة العام  ، كما أنها مدينة هادئة ساكنة مفعمة بالسكينة و الطمأنينة بسبب عدم وجود أسباب الضجيج بها ، غير أنها تبقى متميزة أشد التميز في فصل الربيع حينما تركض الخضورة الفاتحة في جبالها و يتوهج نسيم هوائها و يشتد نقاءه  بفعل أريج و شذا أشجارها و عشبها الخلابان البهيان نعم  ...إلخ إلخ ... 



"الحمير" بأزرو وسيلة أساسية لدى سكانها، كذلك الشأن بمولاي ادريس زرهون وبمدن مغربية أخرى،أَكيد،ولكن بأزرو الأمر  أجزل ،"الحمير" بأزرو يتنقل عبرها البشر، إذ كثيرا ما ينبثق لك ذلك بين الدروب و الزقاق، وبنسبة أكبر تستخدم من أجل نقل السلع ... الحمير بأزرو تُعتمد في، تنقيل قطع جذوع الأخشاب على ظهورها من الغابات الملتفة بالمدينة من ناحية جبل "تومليلين" ناحية بيوت تخصص لتقطيع الأخشاب ،حيث تباع بوفرة للناس في أوقات الشتاء ،و ذلك بغرض التدفئة ... كما تباع ولكن بحجم أقل في الفصول الأخرى من لدن ناس  قلائل ،  لايتوفرون على التيار الكهربائي بمنازلهم بسبب إما الفقر أو البعد عن التجهيز الكهربائي لاسيما أولائك الناس القاطنين بمرتفعات الجبال ، الذين يجدون في خشب جذوع الأشجار وسيلة للإضاءة بعد إشعال النار فيها.. إلخ إلخ ... الحاجة إلى التدفئة شتاء اً و كذلك الإحتياج إلى نور الإضاءة للناس الغير المتوفرين على التيار الكهربائي ، خلق فرصا جزيلة للشغل لشبان من أزرو ... كنت  بجبل "تومليلين" بين شجيرات الجبل مع شخص  نرتدي محفظتين  على ظهرينا نحثا الخطى نحو الشلال الواقع في ثنايا الجبل ... أثناء بلوغنا ينبوع الشلال المُتدفق.. قلت له بنبرة ملاحِظة : طبيعة الطرق المتخللة للجبل تتوافق مع الدراجات الرياضية ... أومأ رأسه مجيبا بالإتفاق ... دنوتُ من تيار سيل المياه المتدفقة للأسفل قربي ،كان كي أصل الطرف الآخر من عين الشلال ، الوثب لمسافة متران .. قفزت ،ضاغطا يسراي للأرض رافعا يمناي للفوق مندفعا بصدري للأمام ...انزلقت قدمي حتى كِدت أسقط ..وجدتني في الناحية المقابلة ل..... ،ينظر إلي مبتسما في سخرية مقبولة  أُحدق في قدمي المخضبتان بالتراب اللزج المغمور بالماء .. رفع حجارتين بحجم كف الذراع وأسقطها أمامي وسط المياه الجارفة للشلال ... وثبت من خلالها إليه ثم ... رجعنا حال سبيلنا .. أثناء رجوعنا ... تناهت لمسامعنا وقع أقدام شخص قادم أمامنا .. احترسنا من أمره جزيلا حينما لمعت على وجوهنا آمارات انعدام الثقة، أتذكر... شخص ما آتٍ من هناك ،قلت مومئا له بصوت يرن بالتحذّر ،نعم نعم أجابني هامسا والإحتراس ينبجس بحدة بالغة  من عينيه خلف النظارة ...من تلقائنا حملنا كلانا كتلا حجرية من الأرض في كلتا يدانا تحسبا لأي مهاجمة لنا ... لقد كان كلبا "جروا" مسالما هاهو يمر من جانبنا لاهثا مُسبلا لسانه المرتجف.. في برهة قصيرة كنت و ....... و الكلب وسط جزء من الغابة، ... لو كنا قد التقينا أحداً أثناء دخولنا للغابة لما شعرنا بدرجة الخوف التي أحسسناها لتونا الآن..قلت في نفسي محدقا في عينيه في صمت ... سأتخيل فيما بعد وأنا أنظر من إحدى قَصَبَتَي الميناء القديم لمدينة الصويرة إلى ماء البحر يتلألأ في نور الشمس ،  لحظة كنت و ........ هلعين و الكلب وسط جزء من الغابة، لوحة فنية مرسومة معلقة في جدار من جدران غرفة نومي   ...سأجدني فيما بعد جالسا مع فنان أشرح له  الفكرة... إلخ إلخ ...

  


مِن الأشياء المعروفة بها مدينة أزرو بين ناسها و بين السياح الجائلين بين أزقتها ، الصناعة التقليدية .. ، بحيث تتوفر المدينة على مجمع مهم للصناعة التقليدية يتكون من طابقين ...تمارس فيه الصناعة التقليدية للوازم الحلي و الحقائب، كما تنسج فيه الزرابي من لدن النساء و بعض قطع الأثاث بمختلف أصنافها ..إلخ إلخ ... هذه المصنوعات التقليدية التي لا توجد فقط في حوانيت مجمع الصناعة التقليدية لأزرو و إنما تنتشر في كل محلات السويقة التي تعد السوق العارض للمنتوجات التقليدية و كذلك غيرها من السلع ...إلخ...




...فَتحتُ من الداخل للنصف باب غرفة الفندق.  كان يأوي فيها معي "........"  سوف يتمنع عن مرافقتي للخارج  وأنا لا أزال ممسكا بمقبض الباب، قائلا مسندا ظهره في إعياء لعارضة السرير وهو   يثقل انتباهه على لوحة إلكترونية بين يديه بعد مطالبتي له بمرافقته للخارج..:  لن أنزل إلا بعد ساعة لاحتساء فنجان قهوة  أخرج إن أَردت... نلتقي في المقهى .. صفقت الباب  ثم هبطت الأدراج للخارج  ...انسللت من زقاق بالمدينة العتيقة ، وجدتني بجوار ساقية للماء ، خطفت بصري امرأتان  متشحتان في جلبابان ضيقان تجلسان على عتبة قرب الساقية ..باستطالة  للنظر لوجهيهما! من بعيد، ميزت كونهما مومستان. تقدمت منهما ،و نقلت بصري بينهما  ،ثم تنحيت بواحدة منهما بإيماءة رخوة من يدي.. كانت الأقْحب حسبما أتذكر وأنا أكتب الآن..قلت في إقدام : واحد واحد ! ، بسرعة بسرعة ..  كم ستعطيني ـ خمسون درهما .. إتبعني من الوراء ... تبعتها قرابة مائتا متر بين الدروب بينما كنت أنقل بصري  بين الحين والآخر  بين زقاق لأول مرة أسير بين جدران منازلها ...كانت تفصلني بيني و بينها في مسافة السير ليس أكثر من خمسة أمتار ،مؤخرتها كانت منتفخة أمامي.. انعطفت بجلبابها الأسود من زقاق على يميننا صاعدة أدراجه المتسخة المتفاوتة الإرتفاع بخفة ،و أسرعت الخطى... تبعتها مسرعا الخطى  كذلك .. اجتازت بابا صفيحيا بعد أن دفعته على نصف مصراعيه وأخرجت رأسها ثم أومأت بإشارة من وجهها لدخولي ..كنتُ قد مرت قرابة شهر و نصف لم أمارس فيها الجنس .. اندفعت نحو الباب بقوة فارتطمت قدمي اليمنى بعتبة الباب المرتفعة قليلا فارتسمت في وجهي آمارات توجع لما نطقت "أَحّْ".. لدى دخولي ، ستتجه بي المومس لغرفة حقيرة، حيطانها مقشرة طلاء الصباغة سقفها واطئ بشكل يفرض عدم الوقوف على طول القامة ،لا تحتوي على شيء عدا فرش بال ممزق الغطاء اندفعت جالسا عليه من تلقاء نفسي ...قالت : هات .. ماذا ... هات المال ... قدمتُ لها مبلغ الخمسين درهما قائلا لها : ما اسمكِ ـ فاطمة ... إلخ إلخ ... بعد خروجي من البيت سأتصل بالهاتف بعيد هبوطي الأدراج ب: "......." ... ألو .. خلدون آفين انْت... ـ و انت اللي فين .. لقيتيني عاد حويت وحاد خيتي ... وايلي و مخليني آراجل! آنا هنا تانسينك فلقهوه ... هانا جاي هانا جاي دابا و آجي دغيا!! .. فينا قهوة انت ... إلخ إلخ ... اتجهت رأسا إلى المقهى .. وجدته قلقا جدا! .. كنت أعرف أنه لم يمارس الجنس منذ مدة ..فلقد كان قد جهر لي بذلك في إطار درجة الحميمية التي بيننا ... وصلت المقهى .. انخرط في شبه مهاجمة : أين ذهبت أين  نكح...!   .. قلت :لقد رفضتَ أن تخرج معي ،فلقد وجدتهم بالصدفة قرب ساقية وراء مجمع الصناعة، ثم أضفت في غرور و زهو : ستنكح ستنكح !!... اتجهنا إلى مطعم و طلبنا صحنين لحم .. ظل........ يقرِّع فيَّ طيلة جلوسنا في المطعم ...كان الوقت قد تجاوز التاسعة ليلا ... نهضنا من المطعم و ذهبنا رأسا إلى البيت إياه ...بعد ذلك ذهبنا لمقهى أمام محطة عربات الأجرة   إلخ إلخ ... 


مدينة أزرو المغربية، المجاورة لمدينة إفران ... مدينة تتوفر على ثروة غابوية مهمة و جمالية ثلجية جبلية جذابة كثيرا،  لا يمكن نكرانهما .. خاصة على صعيد ما يمكن أن يتسببا فيه من نتائج ممتازة على الصعيد السياحي ..إن مدينة أزرو  بالأطلس المتوسط و إن كانت لا تتوفر على ماتتوفر عليه إفران من مقومات تجهيزية إلا أنها ينطبق عليها ما ينطبق على هذه "إفران" فيما يخص المقومات الطبيعية... إن أزرو "المدينة الصحية" : شعبية لمنتهى الحدود، لا يحتاج المرء الكثير من التكاليف المادية للإستقرار بها أو لقضاء بضع أيام بها بغرض الإستجمام و الراحة ...إلخ إلخ ...


الصورة : "خ،م"  بجبل "تومليلين" بمدينة أَزرو المغربية ..