خَلدون المسناوِي
مدينة مرتيل تبعد عن مركز تطوان ببعض الكلمترات وتؤدي إليها الحافلة وكذلك عربات الأجرة ، وهي مدينة ساحلية تطل على البحر الأبيض المتوسط تتكون من مجموعة من المساكن التي تتزايد يوما بعد يوم، و كذلك بعض الأسواق والفنادق. تتواجد بمرتيل جامعة تستقر بمدخلها ،هي، جامعة عبد المالك السعدي..
"مارتيل" ، الإسم هذا يحكى أنه أطلق على المدينة نظرا لكون فلاح في زمن الإستعمار إسمه "مارتين" كان يقطن بها و عندما كان التطوانيون يحجون إلى المنطقة كان كل واحد إذا سئل إلى أين هو ذاهب ،كان يجيب أنه قاصد منطقة الفلاح "مارتين" و هكذا إلى أن تحولت المنطقة بعد الإستقلال ،إلى مدينة تحت إسم : "مرتيل" .. المنطقة في أول الأمر كانت عبارة عن مساحة واسعة خالية لا تضم عدا الأشواك و أشجار الدفلة و الأفاعي ، لما كان التطوانيون يقدمون نحوها و ينصبون خياما مربعة بجوار شاطئها لغرض الصيد ، ولما أيضا كانوا هم كذلك يأتون لأراض فلاحية بها لهدف الزراعة و جني المحاصيل ..إلخ...
المدينة ،تضم منشأة تاريخية ترمز لمرور البرتغاليين من أرضها ، وهي برج "الديزة" القائم قرب مقر شركة أمانديز، و الذي بناه البرتغاليون قبل أكثر من مائة عام ، بجوار هذه المنشأة سوق للفراشة تباع فيه الدراجات الهوائية ،و الملابس الأوروبية المستعملة و كذلك تتواجد بذات المكان قيساريات لبيع الملابس بكل أصنافها ... ليس ببعيد عن السوق، هناك شارع يعتبر من الشوارع الرئيسية بمدينة مرتيل ، وهو شارع : ولي العهد الذي تمر منه عربات الأجرة القادمة من مركز تطوان نحوها والذي يضم هو وشارع محمد الخامس مجموعة من الحوانيت العارضة لكل أصناف السلع..إلخ...
...إننا الآن نقتعد درج باب منزل من المنازل الدانية من مقر مفوضية الشرطة ـ مرتيل ـ ، أمامنا ساحة واسعة ذروة الجمال ، الساحة هذه تعد من الساحات التي يتوافد إليها الناس من أجل الإستجمام على أنه كان من الأفضل ألا تشيد هذه الساحة أمام مقر للأمن هذا فقط رأي خاص ،إذ لكان سيكون أفضل أن تكون بجانب مكان لا رابطة له بفعل الجريمة و العقاب يتبين لي أنه كان سيكون أحسن ..، عموما الساحة هذه تسمى : ساحة الحرية .. بجانب هذه الساحة أو بالأحرى، على يسار مقر مفوضية الشرطة تستقر المكتبة الجامعية التي يرتادها الطلبة و طلاب العلم ..إلخ... الإستجمام بالنسبة لساكنة مرتيل ليس فقط بساحة الحرية ،بل كذلك بالساحة الممتدة بشكل واسع و الضامة لبعض الكراسي الطويلة الإسمنتية : ساحة المسجد الكبير ،أي الساحة الملتصقة بأكبر مسجد في مرتيل ،وهو "مسجد : محمد الخامس" الذي فتح للمصلين من سكان مرتيل انطلاقا من عام 1984 ...إلخ إلخ ... لكن الإستجمام بالنسبة لا لسكان مرتيل و لا لزوارها ، لا يمكن أن يجزم انتشاره فقط في ساحة الحرية أو ساحة المسجد الكبير أو في الساحات الأخرى المتواجدة بالمدينة ، بل لعله ينتشر و باحتدام أشد ، بالكنبات المقابلة لشاطئ مرتيل بناحية الكورنيش أو في المقاهي القائمة بكثرة خلفها ... إلخ...
الكورنيش بمدينة مرتيل السياحية، تجده فارغا طيلة العام بكل ما يحويه من مقاهي و مطاعم ،و كذلك الفنادق المجاورة له تكون شبه فارغة عدا من السواح الذين يفضلون فصل الشتاء أو الربيع أو الخريف بداعي أن فصل الصيف تكون مرتيل مكتظة لاسيما بسواح الداخل ..إلخ... مرتيل التي تضم أيضا فيلات صغيرة و شقق يعمد أصحابها لكرائها خاصة في فصل الصيف ل "الداخليين بلغة كل الشماليين !" التي تستقدمهم جمالية مرتيل ..إلخ...
أصحاب المقاهي و المطاعم و الفنادق و الفيلات الصغيرة و الشقق : المعروضة للكراء بمرتيل "المغربية" ، يظلون في الشتاء والخريف و الربيع ينتظرون قدوم "الداخليين بلغة كل الشماليين " أي سكان وسط المغرب عندهم لملأ جيوبهم بكثرة بالأوراق النقدية، أكثر من باقي الفصول التي تكون محلاتهم شبه فارغة ،ذلك أن الواقع المعروف لدى الجميع هو أن سكان وسط المغرب يحجون بكثافة لمرتيل ولمدن أخرى بالشمال في الصيف لقضاء عطلتهم ،غير أن الواقع الذي لا يمكن التغاضي عنه هو : لا يتردد "البعض" من :المرتيليين و التطوانيين و كل ساكنة الشمال من، إبداء اشمئزازهم! من سكان وسط المغرب حينما ينكبون عنهم بحدة كبيرة ، بل ليس الإشمئزاز منهم لمجرد أنهم ينكبون عندهم ، بل دون أن يجنحوا عندهم ، إذ سكان وسط المغرب ، "مجرد داخليين!" في نظرهم : "إيوا شْنُّو غانقولّْك والله مخصُّو هداك غا داخلي عروبي!" ،،،وهنا نؤكد بكل وضوح أن إبداء الإشمئزاز بالكلام وبلغة الجسد لا ينطبق على الجميع من المرتيليين و سكان الشمال المطلة مدنهم على أوروبا الذين تسيطر على أغلبهم فكرة : "حنا أوروبا" ،لعلها الفكرة التي تولد "هداك غا داخلي" !...على أنه سيكون مهما أن نقول أن مدن سكان وسط المغرب جزء منهم "أي من مدنهم" لا يعرف التوافد الذي يتوافده الأوروبيون "المتقدمون"على منطقة الشمال و الذي ينتج الإنفتاح على العقلية لسكان هذه ! ..
مدينة مرتيل المغربية ، من أزهى المدن المغربية المنتصبة في عزة في شمال البلاد ، و من أكثر المدن إسعادا للسواح من المغرب و من خارجه ،إنها مدينة تتوفر على ليل صافٍ لا مثيل له ، ليل من أكثر الليالي الدافعة للخيال والتأمل و الإنصات للطبيعة ،و المبددة للأفكار المشوشة من الذهن...إن مرتيل واحدة من المدن الساحرة المُسرة للنفس ، التي ما إن تصلها حتى تتقيد بالقدوم إليها دون إطالة تفكير .. مرتيل : ضوء القمر يلتمع على صفحة البحر بينما تسير وحيدا بشاطئها الخالي ،أفضل مرتيل هي هذه ..إلخ إلخ...
الصورة : "خ،م" جالس بمقعد بكورنيش "مدينة مرتيل" بشمال المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق