خَلدُون المسناوِي
على بعد بضع كلومترات من مدينة فاس ، تستقر قرية "مولاي يعقوب" المعروفة بباحاتها الصحية الساخنة التي يتوافد عليها الناس من داخل المغرب و من خارجه ، بحيث تعرف قرية "مولاي يعقوب" قدوما سياحيا لها لا يمكن التغاضي عنه وذلك خاصة في فصل الربيع ، الفصل الأكثر مجيئا للناس هنا من الفصول الأخرى التي يأتي فيها الناس قليلا لمولاي يعقوب مقارنة بالصيف ...
مولاي يعقوب جميلة في كل الأوقات لكنها أكثر من جميلة في فصل الربيع ، الإخضرار الطاغي في المرتفعات المحيطة بمنازل القرية و السماء الزرقاء الصافية و ،الشمس الخفيفة الأشعة .. إن جو فصل الربيع هذا بالتحديد هو الذي يزيد من جمالية الإستحمام في باحات "مولاي يعقوب" الدافئة و يجتذب عددا كبيرا من الناس إليها،بحيث يصير ليس فقط الإستحمام في الباحات هو ما يأتي من أجله الناس هنا و إنما أيضا الإستمتاع بجو الربيع الأخضر ، إذ هناك من يأتي من الأصل إلى المرتفعات الخضراء للإستمتاع بجمالها من دون أن يلج إلى باحة من الباحات ، فالمكان يكون هنا جميل جدا على خلاف كل الفصول، الأسر مجتمعة في حلقات منفردة عن بعضها البعض ، أباريق القهوة الممتزجة بالحليب ، صحون المأكولات الشهية مُتحلق حولها ، أطفال يقفزون في غبطة هنا و هناك ..إلخ إلخ...
بالنسبة لاقتصاد المنطقة ،فسكان مولاي يعقوب يعتمدون على شتى وسائل لجلب دراهم لقمة العيش ، أهمها الفنادق التي تستضيف الوافدين على القرية ،وفي هذا الإطار الأوجب أن نقر بأن خدمة الفندق لا تنحصر فقط هنا على الفنادق التي تتوفر على الترخيص ، بحيث أن هناك الكثير من المنازل التي حولها ممتلكوها إلى فنادق بدون توفرهم على ترخيص ، بحيث يعرضون غرفا بداخلها للكراء يتراوح ثمنها بين 50 درهما و 100 درهما لليوم الواحد ،و أمام عدم توفر موارد كثيرة للعيش هنا بهذه القرية، فإن السلطات تتغاضى عن هذه الخدمة الكرائية التي تتم وفق الإجراء الفندقي و لو بدون ترخيص لذلك, مقابل رشوة شهرية طبعا يتلقاها رجال السلطات المحلية من لدن أصحاب منازل كثيرة لسان حالها فنادق ،حتى في الأمور الشكلية المتعلقة بخدمة الإستقبال و مفاتيح الغرف المعلقة في الجدار ! ،،، على أن هناك أشخاص يعملون كسماسرة لهذه الفنادق وذلك باستقدام الراغبين في الكراء ليوم أو يومين أو... إلى منزل من المنازل تلك ،بحيث تجدهم متوقفين أمام محطة العربات الكبيرة و كذلك أمام موقف الحافلات المتجهة نحو فاسو القادمة منها, بغرض تلقف القادمين لمولاي يعقوب مباشرة بعد وصولهم للتو، غير أن كراء المنازل هنا بالإجراء الفندقي ليس هو السبيل الوحيد للبحث عن لقمة العيش، فهناك أيضا تجارة لوازم الإستحمام ،إذ يتواجد بمولاي يعقوب العديد من دكاكين بيع هذه اللوازم ،مثل "السطول" و الأكياس الرفيعة لحكّ الجلد و قطع الصابون ...إلخ.. ، "السُّطول" لا تباع فقط و إنما أيضا تُكترى على أساس أن تستخدم في الإستحمام داخل الحامة ثم ترجع إلى صاحبها في الدكان ... تجارة لوازم الإستحمام و كراء الغرف ليس الشيئان الوحيدان اللذان يدران النقود على الناس ،هناك أيضا "سوق" يقع قبالة مقر للقوات المسلحة ،تبلغ حوانيته بعد اعتلائك أدراجا توصلك لها ،في هذا السوق دكاكين تعرض الخضر و الفواكه و اللحوم بشتى أصنافها ،الدكاكين هذه التي تتزود موادها من مدينة فاس و التي تباع فيها السلع بثمن يزيد الشيء القليل عن ما هو عليه ثمنها بفاس ،،، بقرب محطة العربات الكبيرة تمتد في صف طويل حوانيت لبيع اللحم و الدجاج المشويان و كذلك بعض المقاهي ، المقاهي التي تجدها أيضا بعد نزولك بالأدراج إلى وهدة قرية مولاي يعقوب في طريقك إلى الحامات ...
في قرية مولاي يعقوب ،هناك حامتين اثنتين ،الحامة التقليدية و الحامة العصرية ،هذه الأخيرة تم إنشاؤها قبل سنوات قليلة ، وهي تتوفر على تجهيزات جد متطورة للإستحمام "الدش ـ الأحواض الساخنة ـ التدليك ـ خراطيش المياه المعدنية ... إلخ..." عكس الحامة التقليدية التي لا ترقى في جميع الأصعدة إلى مستوى الحامة العصرية ، ثمن الولوج إلى الحامة التقليدية هو 13 درهم ،أما الولوج إلى الحامة العصرية فيتطلب في أدنى حد مبلغ 140 درهم ، سواء الحامة التقليدية أو العصرية, كلاهما يتقاطع في الماء الصحي على الجلد و الجسد بشكل عام ...
قرية مولاي يعقوب بمدينة فاس ، بحماماتها المفيدة للجلد و العظام..إلخ..، واحدة من القرى "إلى جانب سيدي حرازم و أباينو و..." المستقطبة للسياح من داخل المغرب الأقصى و من خارجه، و الموفرة لفرص شغل في مجالات متعددة ،إنها قرية القائمون على حاماتها يدخلون لجيوبهم الملايين من السنتيمات شهريا لكن أغلب سكانها فقراء بالكاد يحشون لقمة العيش في بطونهم ، كما أن بنياتها التحتية جد متردية و ذلك ما يعبر في سطوع عن الفساد الذي يعرفه تدبير هذه القرية سياسيا ،هذه القرية التي لا يُتحدث عن مشاكلها إلا عند اقتراب كل موعد انتخابي ، والذي يكاد ارتباط اسمها بالسياحة أن يواري كل الإختلالات التي تقبع فيها لعقود! ..إلخ... إرأفوا، إبتعدوا عن مولاي يعقوب !...
je vous remercier boucoup pour toute rensingment mercie infiniment
ردحذف