الثلاثاء، 23 يونيو 2015

قرية سدّ بين الويدان بأزيلال الأمازيغية...درجةٌ عميقة من التأمل في الطبيعة ! ...






خَلدون المسناوي 

على مسافة 60  كلمترا من مدينة بني ملال و على بعد 35 كلم من مركز أزيلال، تستقر جنة على الأرض إسمها "بين الويدان" . بين الويدان هو عبارة عن سد يغزر بمياه كثيرة تنهمر بين جبال عالية لمسافة معينة ، إذ هو ملتقى وادين اثنين : واد العبيد ، و واد أحنصال . تتشكل ساكنة بين الويدان من 11 "دوار" أمازيغي "تاشلحيت" وهي تعتبر ساكنة بين الويدان منذ سنين من الزمن إلى يومنا هذا، على أنها كذلك الفئة التي من المفترض أن تستفيد من أي حركية اقتصادية تشمل المنطقة ... 



اقتصاد  منطقة "بين الويدان" الذي يستفيد منه ناسها ، يرتكز بالأساس على تربية الماشية "الأبقار،المعز،الجدي..." ثم "الزراعة" تأتي ثانية ،أما النشاط السياحي  فلا يندرج عدا في المرتبة الثالثة وذلك بالقياس إلى حجم استفادة سكان المنطقة منه ، إذ هو  لا يستفيد منه  سكان بين الويدان الأمازيغ عدا بنسبة قليلة، بحيث أن المستفيد من الناحية السياحية ب:بين الويدان، هم أصحاب المشاريع الكبرى المشيدة بها ، أصحاب المركبات السياحية الكبرى الذين لا ينتمون إلى سكان المنطقة.. "المركب السياحى : شمس" و مركبات سياحية ضخمة أخرى  في طور البناء ،إذ أن سكان بين الويدان من الناحية السياحية لا تجدهم سوى مالكين لبعض حوانيت المواد الغذائية و المقاهي التقليدية بمكان  يدعى "السوق"،ومطاعم متوسطة المستَوَى،  و  لشقق مفروشة متواضعة  ،  يؤجرونها للأسر و العائلات والتي غالبا ما تبقى مقفلة بلا طلب عليها عدا في فصل الربيع ... فالقطاع السياحي  إذن لا يرجع بفوائده الإقتصادية على الناس القاطنين ببين الويدان "ال 11 دوار الأمازيغي"، عدا بشيء قليل مما يمكن أن تجلبه حوانيت المواد الغذائية و المقاهي و الشقق المتواضعة تلك التي تحدثنا عنها ، فيما تبقى الفوائد  الإقتصادية الكبرى تعود إلى الفنادق الكبرى " ذات الأربعة نجوم"  الذي يصل  المبيت بها ل 1000 درهم  لليلة ...  إلخ إلخ...



أمال  السائق الذي كان يتحدث طيلة الطريق من بني ملال ،بالأمازيغية  رأسه نحوي داخل عربة الأجرة، و قال وقد بدأت السيارة تتراجع سرعة سيرها : قلتَ  بين الويدان ، لقد وصلنا ، أأتوقف بك هنا أم  بعد اجتياز النفق .. ـ قلتُ مستفهما بنبرة صوتي و بوجهي وأنا لا أعرف عن أي نفق يتكلم : هل توجد هنا مساكن للكراء. كان السائق قد شرع يخفض  سرعة العربة أكثر. بعدها بلحظات أوقف السيارة في قارعة الطريق ، كان الوادي يبدو لامعا عن يميننا تحت ضياء أشعة الشمس المتوسطة سماء فاتحة الإزرقاق . تابع السائق "الكهل" كلامه من فم متساقط الأسنان و بوجه ينم عن التعاطف ممددا ذراعه بشكل مستقيم نحو حجر متفرِّقة على ناحية من منحدر جبلي مخضر على مسافة قرابة مائة متر من العربة  : ــ أرأيت تلك الحُجر ،أدرت وجهي ناحية اتجاه سبابته فلمحت غريفات جميلة نابتة بين شجيرات ..ثم عدت بوجهي إليه ..فقال لتوه : ـ هناك ستجد مساكنا جيدة للتخييم .. شكرته بامتننان ثم صفقت الباب ..إلخ إلخ ... سألتُ في "كِيست هاوس: المكان الذي بعثني له سائق الطاكسي" فلم أجد غرفا لشخص واحد .. سأخرج من هذا التجمع السياحي و سأصعد معروق الجسد  عَقَبة جد متحدرة على جانب الطريق تحت شمس قاسية الإشعاع ... إنني ألمح الآن شابا هابطا في اتجاهي المعاكس ، إنه يقترب،هو بقربي جدا الآن ، نتبادل النظرات ... نطقت : السلام عليكم .  رد : ـ  وعليكم السلام .. ميزت من لسانه الغير المستحكِم   للدارجة المغربية و سحنته أنه أوروبي .. ـ سألته مبتسما بكياسة : هل أنت فرنسي. أجاب : نعم. ثم سألته الإرشاد"استرشدته" عن مسكن للكراء لشخص واحد...إلخ إلخ ... 



عموما، الكراء بمنطقة بين الويدان الأمازيغية ، يتواجد بمنطقة السوق و بالتجمعات السياحية ،على أن الأمر الذي لا يعرفه سوى القليل هو أن ، بين الويدان لم تعرف بحدة كمكان سياحي الروعة فيما يكن و بالتالي فهو من الأماكن التي يحج لها السواح من داخل المغرب و من خارجه ،إلاّ انطلاقا من الست سنوات الأخيرة ، إذ هو الأمر الذي يؤكده أبناء المنطقة بجزم لا سبيل إلى التشكيك فيه، كما أن درجة الجنوح إلى بين الويدان سياحيا ليست في فصل الربيع بالذات وإنما  فصل الصيف ،هو الوقت الذي يأتي فيه السياح أكثر إلى ، هذه الجنة المجسدة على أرض أزيلال ...إلخ إلخ... 



الحديث عن بين الويدان، لا ينحصر فقط على ، الكراء بغرض التخييم و اقتصاد المنطقة، إلخ...بل يجب كذلك الكلام عن أشياء أخرى توجد بهذه المنطقة الخلابة المسرفة في التعبير عن الجمال ..إن منطقة "بين الويدان" تحتضن ممارسات ترفيهية جمة توفرها طبيعة المنطقة الجبلية، و المائية "البحيرة" و... ،الممارسات الترفيهية التي غالبا ما تجد الأوروبيين  من يمارسونها دون غيرهم،ففي بين الويدان ،ففي  بين الويدان : مغامرات التجول في الغابات ،التسلق للأعالي بِالأحجار الصلبة ،الركوب على المراكب السياحية، الجي تسكي..إلخ... التجول في قلب "الغابات" يقوده شخص  من أبناء المنطقة مع عدد محدد من السياح، هذا الشخص الذي يجب أن يكون عالما بخفاياها أي "الغابات الجبلية" و الطرق المتخللة لها ...هذا العمل يُمسي من حق أي شخص قاطن بالمنطقة تحت شروط من خلال رخصة يحصل عليها من عمالة أزيلال ..إلخ...و بالنسبة للمراكب السياحية فهي على الأنواع ،إذ توجد هناك مراكب خشبية صغيرة و أخرى هي الأخرى صغيرة ،تنفخ بالهواء "زودياك" ، يعتمدها أبناء المنطقة في جلب لقمة العيش ،بحيث يعرضون على السياح جولات على مسافة من وادي بين الويدان بمبالغ معينة...إلخ...


منطقة وادي سد "بين الويدان" بإقليم أزيلال الأمازيغي "تاشلحيت" ،جمالٌ  خاص جدا, باهرٌ أخّاذٌ يأسر العين و القلب و لب الزائر ،و وجهة  غاية اللطف والسلام والحب و السكينة و الإستمتاع بمناظر بهية  منتهى البهاء... إن منطقة بين الويدان الآسرة تنمي الخيال و تعمق الإحساس و تغذيه بالشعر وبالعاطفة ،إنها تنأى بِكَ عن هموم الحياة و  وتفاهاتها، لاسيما إذا كنت تعيش في مجتمعٍ مغربيٍ  عليل تعيس مليء بالنفاق و الكره!!، "مُجتمع وْجُوهْ الشّْرعْ!!!" ..إن منطقة وادي سد "بين الويدان" بإقليم أزيلال الأمازيغي هي تلك الجنة على الأرض، التي تعمق إنسانيتك و التي تعلمك شيئا أرقى من الوجاهة،والمنزلة السياسية و العلاقات و الإنزواء للخمارات ،و مداومة العلب الليلية، و لذة الكِبر ! ماذا إذن تعلمك ؟ وَاوْ!  التأمل في الطبيعة ! ... 


الصورة : وادي "بين الويدان" بأزيلال. 




الاثنين، 22 يونيو 2015

قرية "أوزود" الأمازيغية بإقليم أزيلال ... أبهى و أجمل الشلالات الموجودة في العالم...




خَلدُون المسناوي 

في الطريق المؤدية من أزيلال "تاشلحيت" إلى مراكش من خلال دمنات ، تتفرع طريق متعرجة عن يمينك "تصل مسافتها إلى 16 كلم" تحيط بها الجبال السامقة ، بعد قطعك لها تصل إلى قرية من أبهى  القرى في العالم! ،إنها قرية أوزود .. مثلها مثل أزيلال في أن منازل قميئة قبل بلوغها تنبثق لك في الأعالي ... حوانيت و مطاعم وأكشاك تأتي بالقرب من محطة الطاكسيات ، المطاعم تَعرض أطباقا في الهواء الطلق بالقرب من مناظر الأشجار و العشب .. تتجاوز ببعض الأمتار قليلا هذه المطاعم التي غالبا ما تكون ممتلئة عن آخرها لاسيما بالسواح الأوروبيين ، فإذا بشلال أوزود يخطف سمعك أول مايفعل ،،، الشلال  عبارة عن وهدة عميقة سحيقة تنسكب منها مياه وادي إيغبولا بدرجة دفع قوية ، الوهدة التي ينتشر بها من أعلاها إلى أسفلها الإخضرار ...إلخ...



توقفت قليلا بينما أطل من فوق إلى الأسفل ،، رهيب رهيب الإطلال من هنا.. الحفرة سحيقة جدا والمياه تتدفق بقوة . بقوة،، تقدمت من ناحية الطريق الغابوية المنزلة إلى التحت، بحيث مررت في منحدر متحدِّر باحتراس شديد نزلت فيه من الأعلى إلى التحت ... في الطريق التقيت مرشدا سياحيا مغربيا يتقدم أزيد من عشرة سواح  جميعهم ينزلون محترسين في الطريق المتربة المتخَللة بالأجذع الملتوية الفظة،لقد استمررت في المشي في هبطة وعرة بتحدر كبير إلى أن وصلت أخيرا إلى الوادي ... إذ هاهي المياه أمامي منبسطةٌ ،،،وضعت قدمي على جسر خشبي مرتفع بأقل من نصف متر عن الماء   و سرت عليه لمسافة قليلة بحيث انتقلت للجهة الأخرى ،رفعت رأسي للفوق للمرتفع الذي كنت قبل قليل أطل منه ،أوووه! ،سيلان الماء من فوق إلى التحت على مسافة قرابة ثلاثون مترا من الإرتفاع يُحدِث صوتا مسترسلا صوتا مدويا قويا يحيل إلى معنى الإقدام و التحدي..المياه المنبسطة أمام، بصري :على شاكلة مسبح ، الشباب الآتون إلى هنا يتمردون على اليافطة المكتوب عليها :"ممنوع السباحة" ، و يسبحون في مسبح الشلال هذا.. بحيث يعتلون صخرات ضخمة بجانب المسبح و يرتمون منها.. إلخ إلخ... و هاهي أجنبيتان تنضوان أمامي ثيابهما و تلبثان بالمايوه،،إلخ،،،ثم تصعدان على صخرة بتأنٍ مُسرف ثم ترتميان إلى الماء ..:شَاخ... 



الأجانب المتدفقين على شلالات أوزود ليسوا  من أوروبا فقط بل حتى من القارات الأخرى ، الجميع هنا من الأجانب و من زوار أوزود المغاربة ، تجده يلتقط الصور الفوتوغرافية بالهواتف النقالة والمصورات المتطورة ، للشلال لوحده ثم لهم متوقفين بجوار الشلال ...شبان أمازيغ من أبناء المنطقة، يتسلقون ناحية الوهدة الناظرة للشلال ثم يرتمون نحو الأسفل ، في منظر مُبهر .. شبان آخرون يبدو عليهم من خارج منطقة أوزود ينصبون خيمة بدقهم لأوتاد على الأرض بزوايا الخيمة بينما كنت مستلق عاري النصف الفوقي على  ظهري واضعا حقيبة السفر بجانبي أتأمل تدفق مياه الشلال من أعلى مشهدا وخريرا...



بشلالات أوزود التي ذكرتني حينما وقفت قدامها ،بمنطقة "بارادايز فالي" المحاذية لأكادير،تجتذب نظرك مراكب صغيرة مصنوعة بشكل عجيب مخصصة للتجول بالزوار لمسافة معينة على الوادي "الذي يبدو من خلال النظر إليه أخضر اللون"  ، المراكب هذه ظهورها مُدثرة بثوب سميك أخضر  ، و هي بشكل أساسي عبارة عن صفائح خشبية مثبتة بإحكام على براميل بلاستيكية متمكنة من رفع أحمال ثقيلة ..كل مركب يتشكل من حوالي إثناعشر برميل كبير، و "كنبات" منمقة و مزوقة بورود اصطناعية في أطرافها ،و مغلفة بأثواب كستنائية ، فيما هناك صنف آخر من المقاعد المثبتة على المراكب هاته ، منسوج من القصب بشكل يزهو البصر ، لحظة لحظة! ، الآن خمسة نساء يتقدمن  من شاب مضطجع على مركب يتمايل على الماء الذي يتهدهد الآن بجواري  و يبدو مؤكدا أنهن يطلبن منه تجوله بهن عبر المركب ،إنهن الآن يركبن جذلات الوجوه على المقاعد تلك وهاهي أذرع ذاك الشاب تنتفخ قوة جراء تدويره للمجدفين في الماء بشكل يجعل المركب يتحرّك.. إلخ إلخ ... 

أتذكر عندما كنت في أوزود :

 أمهات و أباء مع أطفالهم  يسبحون بقربهم في ناحية المياه الوتيرة الإرتفاع على مرأى من ذويهم ...يافعون يرشقون فيما يُظنّ رفيقهم المحشو في حفرة هناك في الأعلى في منظر مرح،رفيقهم الذي سيرتمي بعد قليل صارخا بأعلى صوته هِيييييه ... شاخ،كذلك شبان عرايا النصف الأعلى صعدوا لتوهم من الماء، يضطجعون على ظهورهم على صخرات   تاركين سهام الشمس تسلخ صدورهم المبللة ،و آخرون يجلسون إلى ظل صخرات و شجيرات يستمتعون بنسيم الظلال ..إلخ إلخ...

أتذكر أيضاً : ...

طيورٌ  في علاء الشلال ،ناشِرةً أجْنِحَتَهَا، تحوم  في الهواء جيئةً و ذهاباً، تشع على المكان جمالاً خاصاً .. و بالقرب من الشلال على مسافة قريبة ، ينتشر في الأثير نسيم  ثقيل حامل لدقائق ماء صغيرة باردة تنبجس عن اصطدام المياه "التي تنزل مقوسة" من علو مرتفع نحو الأسفل أي نحو المسبح المتشكل تلقائيا من انهمال أقواس المياه الناصعة البياض ...

نساء يعرضن خدمة "النقش بالحناء" على الأذرع و الأكف تحت مظلات مشرعَات إلى نهايتها ...

أنني كنت قد شاهدت شبانا يطهون طجينا فوق نار مشتعلة .. 

أنني لمحت حبالا سميكة ينشر عليها الشبان ثيابهم المبللة لتُنشف تحت سهام الشمس..


أنني كنت قد رأيت "قوس قزح" فوق شبان و يافعين يخبطون وهم يسبحون بأذرعهم و أقدامهم في مياه المسبح الدائمة الإرتجاف..

إلخ ...

بقرية أوزود ذات الصيت العالمي، هناك عدة تجمعات سياحية و شقق مفروشة  للكراء ، يأوي إليها الزوار من كل صوب و حدب ،إلا أن ليس هناك فقط بالقرية ذاتها لمن يريد المجيء إليها للتخييم ،هذه التجمعات السياحية و الشقق المفروشة فحسب ، بل إن هناك كذلك ، ساحات فارغة تكترى للراغبين في قضاء عطلة داخل الخيام التي يأتون بها بجوار الشلال ذاته وهي الساحات المجهزة بالدش و المراحيض...إلخ إلخ ... 



بأوزود ،هناك مطاعم و مقاهي تقدم الطاجين على الأنواع لاسيما ،طجين : "المعزي" نوع الماشية المنتشر كثيرا بإقليم أزيلال .. بالنسبة للمقاهي فهي تتواجد في الأسفل قرب مسبح الشلال ، و هي عبارة عن مقاهي مصنوعة جدرانها وسقوفها من "القصب" بشكل متداخل مرتب جميل يثير بصر الزبائن. كؤوس القهوة و الشاي تُحضَّر بطرق تقليدية ،بحيث أن هذه المقاهي لا تتوفر على المعدات العصرية، كما أن الموائد التي تُوضع عليها طلبات المشروبات مهترئة  ...إلخ إلخ... أما بالنسبة للمطاعم فهي تتواجد في الطابقين الثاني و الثالث و الرابع إذا كنت أتذكر جيدا، هذه المطاعم تلجها من خلال صعودك الأدراج المطلعة من قرب مسبح الشلال إلى الفوق نهاية الطوابق، قبل مغادرتك الشلالات ... على أن هناك منشأة سياحية ضخمة هناك في أعلى مرتفع في أرض أوزود تطل على الشلال من فوق،  في طور البناء ، و ذلك في إطار التطوير الذي تعرفه منطقة أوزود الأيام الأخيرة ... أثناء الصعود على أدراج السلم المُصعد من تحت إلى فوق، و الذي يرهق في العادة، الصعود حتى منتهاه ، تتلفت إلى محلات عدة، تعرض الثياب الأمازيغية و مستلزمات المنازل ذات الطابع الأمازيغي"تشلحيت" ..إلخ... 


شلالات أوزود "الأمازيغية" بإقليم أزيلال ، من أروع و أبهى و أجمل الشلالات و المناظر الطبيعية الموجودة في العالم بأسره، و كذا الجاذب الأساسي إلى جانب "سد بين الويدان"، للسواح  بالنسبة لمنطقة أزيلال الأمازيغية الشامخة بجبالها "تشلحيت" ... لكنها على الرغم من كل التجهيزات المتواجدة بقريتها إلى حدود اليوم ،  ما زالت لنقُل، تفتقر إلى التجهيزات العتيدة التي تستحقها كمكان برّاق جدير بالإهتمام البالغ و الجدي ، الزائد على ما يعبر عنه الوضع التجهيزي بأوزود ـ اليوم... إن أوزود ضحية الحسابات السياسية الضيقة التي للأسف تُرتهن فيها ثروة طبيعية لا نظير ولا مثيل لها "أي أوزود" ، الحسابات السياسية الإنتخابوية التي تُجمد التوافد السياحي لها، الذي مهما قيل يبقى ضعيفا مقارنة بالقيمة الطبيعية لأوزود ، هذا دونما الحديث طبعا عن المشاكل الجمة التي يعيشها سكان القرية منذ سنين ..إلخ إلخ ...



الصورة : شلالات أوزود بأزيلال .



الأحد، 21 يونيو 2015

مدينة أزيلال الأمازيغية... مدينة جبلية جذابة تحتاج لالتفاتة من لدن الدولة ...




خَلدُون المسناوِي

تتوسط مدينة أزيلال الأمازيغية،  منطقة "بين الويدان" و "شلالات أوزود"  على بعد كلومترات قليلة من كل واحدة منهما ، و هي مدينة أغلب سكانها أمازيغ فيما تلبث الأقلية بينهم من العرب قذف بها البحث عن لقمة العيش  ... ولكونها مدينة لا تتوفر على مميزات سياحية في داخلها،ولا تحتوي على ركائز كبيرة للإقتصاد ولكونها أيضا صغيرة المساحة ،فالسكن فيها يبقى رخيصا لا من حيث الكراء ولا من حيث شراء مسكن ..إلخ ...



مدينة أزيلال لا تتوفر على أي مصانع مهمة يمكن أن تدر نفعا لأبنائها ، فالمدينة لا يرتكز اقتصادها سوى على شيء ما من الزراعة إضافة إلى تربية الماشية و كذلك التجارة ،بحيث أن المدينة تتوفر على سوقين أسبوعيين "الخضر،والماشية لاسيما المعزي الذي تعرف به أزيلال كثيرا" و كذلك على سوق دائم مجاور للمحطة الطرقية الكائنة بجوار المسجد المعظم ، المحطة الطرقية التي تعيش وضعا مترديا بحيث أنه من الأصل لا يوجد هناك تصميم أو بناء محطة، عدا أن الأمر يقتصر على ساحة متربة تتوقف بها الحافلات ، على أن هنا يجب القول أن كل الحافلات التي تقلع من المحطة الكارثية للحافلات لأزيلال ، حافلات سيئة و متسخة من الداخل لا تليق على الإطلاق للسفر .. بجوار هذه "الساحة لا أكثر"، تتواجد محطة لعربات الأجرة ، حقيقةً محطة جيدة من حيث كونها مسقفة بصفائح حديدية على شكل هرم تقي من أشعة الشمس وتساقط المطر كما أنها تتوفر على الإنارة في الليل عكس ماهو في "تافراوت" و "أوزود" ،إذ ليست هناك من الأصل محطة بهما، عدا أن عربات الأجرة الكبيرة تتوقف بجانب الرصيف بكل من "تافراوت" و "أوزود".. 



أزيلال كلها ،وهي مدينة صغيرة تتوفر على شارع وحيد رئيسي ، أهم المؤسسات المتوزعة بهذا الشارع هي : مقر البلدية قرب المسجد الكبير ، مقر ولاية الأمن الإقليمي وهو مقر صغير"عمارة من ثلاث طوابق" ، مركب ثقافي ، ..إلخ ... خلف محطة الطاكسيات تتواجد العديد من حوانيت المأكولات وكذلك باعة السردين و الحريرة و "الرغيف" على العربات المتنقلة ، التي تعرف حركة مهمة جراء الإقبال المتزايد للناس عليها ...



يمتد بناء مجموعة من المنازل وراء محطة عربات الأجرة في الطريق إلى "حي السلام" الذي جلنا زقاقه المكتنفة بالهدوء المُطبق ، وهي المنازل التي تنتشر في البناء صاعدة نحو الجبال المحيطة بأزيلال من ناحية شروق الشمس ،العديد من الناس في هذه المنازل يستخدمون صفائح الطاقة الشمسية توفيرا للكهرباء المستخدم للإنارة ،و التلفاز إلخ ... والعديد من الناس أيضا لا يتوفرون على الماء بالأحياء المجاورة لحي السلام .. البناء المنتشر بكثرة الأيام الأخيرة بهذه المنطقة ، والبناء بشكل عام بأزيلال يوفر فرص شغل للعديد من الشباب و الكبار بالقطاع عينه ، بحيث أن البناء كذلك ينضاف إلى الفلاحة "الزراعة و تربية الماشية" و تجارة مستلزمات المنازل و، قليل من صناعة الزيتون في مخرج الطريق الفوقية المتعرجة المؤدية من أزيلال لقرية "أوزود" ...



مدينة أزيلال المنعدمة السياحة صوبها عدا بنقاط معينة تقربها ك"وادي آيت بوكماز،أوزود ،سد بين الويدان" ،الغير المتوفرة سوى على أربع فنادق مهترئة بشارع الفقيه البصري كفندق فرنسا،تُطَوِّقُها طبيعة الروعة فيما يكن،الجنة على الأرض ، جبال سامقة شامخة ذات ارتفاعات جد شاهقة ومنحدرات وعرة تكتمل روعتها بالإطلاق في الربيع ،بحيث تتوزع على بعض هذه الجبال "إذ تلاحظها وأنت سائر بالحافلة أو في عربة ،،،إلخ،،،" مساكن متفرقة متلاحمة تقطنها أسر أمازيغية "تشلحيت" تعتمد الفلاحة في العيش إلخ إلخ...




مدينة أزيلال مدينة تمتلك إمكانيات طبيعية "جبلية بالأساس" تغنيها عن الإحتماء بجمالية أوزود أو سد بين الويدان القريبان منها ، إنها مدينةٌ، وفقط بجبالها السامقة المحيطة بها وإن عملت الدولة على تجهيزها سياحيا باعتبارها نقطة مهمة من النقاط السياحية بالمملكة، لستكون من المدن الحيوية من الناحية الإقتصادية بل المستقطبة لعدد وافر من الزوار ، إن جبال أزيلال كل يوم يمر يضيع عنا استغلالها لا من حيث الإقتصاد فحسب و إنما كذلك من جانب كون عدم التوفر على منتجعات سياحية في قمم الجبال التي تلفها يحول دون تمكننا من الإستمتاع بمنظر هبوط الشمس "أثناء غروبها" وراء جبالها هي أزيلال الأمازيغية.. إلتفتوا إلتفتوا إلى أزيلال ، إبتعدوا إبتعدوا عن الإساءة لها ...


الصورة : مدينة أزيلال




السبت، 20 يونيو 2015

مدينة صْفرو ... مدينة تحتاج التعريف أكثر بمقوماتها السياحية ...






خَلدُون المسناوِي

تتواجد مدينة صفرو على بعد  مدينة فاس بحوالي ثلاثين كيلومترا ، و تقرب من قرية "البهاليل"  بقليل من الكلمترات لا تتعدى العشرة في أقصى حد.. المدينة تتوسع يوما بعد يوم سكنياً ،عديدون يجنحون إليها السنوات الأخيرة  من مدينة فاس ومن مدن أخرى بعيدة عنها.. صفرو  تعتبر المعيشة فيها رخيصة لحد كبير  مثلها في ذلك مثل الحاجب ،في الخضر في  الفواكه في الأكل بالمطاعم ،الكراء ... أشياء كثيرة رخيصة بهذه المدينة "صفرو"... 




صفرو تعاني مشكل غياب الفنادق إذِ المدينة كلها لا تتوفر سوى على فندق وحيد،،و ذلك راجع بالتحديد لكون المدينة تعد مدينة غير سياحية  بحدة كبيرة على الرغم أنها تتوفر على مؤهلات طبيعية بهيجة و موسم حب الملوك، لا يمكن إنكارها فيما يمكن أن تجلبه من زوار عليها..إلخ...فالمدينة تتوفر على شلال طبيعي تنسكب منه مياه نحو الأسفل، لا يجتذب السياح بدرجة كبيرة،إنه شلال "أكاي" ،ليس مثلا له الشهرة للشلال المتواجد بإفران، ولهذا السبب بالذات ، يلبث غير معروف كثيرا للناس من خارج صفرو ،،الشلال تنبثق إلى جانبه،مقهى تنبسط على علو منخفض تتناثر من حولها كراسي تستدير موائد ، الجالس إليها يستمتع بإبصار منظر المياه تتدفق للأسفل محدِثة صوتا أنيسا ينعش الأذن، و خضرة منتشرة بجنب الوادي المتشكل من مياه الشلال المُتدفقة إلخ إلخ ... الشلال يجمع حلقات من الأسر و الأحباب لاسيما في وقت الربيع عدا هذا الأخير فالمجيء للشلال يكون قليلا مقارنة بالربيع،أما "أكاي" فهي تعني الوجنتين بالأمازيغية ..إلخ إلخ... 




كثير من الناس يقطنون بصفرو لكن عملهم يتواجد بمدينة فاس بحيث تجدهم يمتطون مساء كل يوم الحافلة أو العربات من فاس لصفرو و كذلك هناك الحالة العكس بحيث ،هناك أشخاص يقطنون بفاس لكن عملهم هو الذي يتواجد  بصفرو ... عدا العمل بالمؤسسات العمومية،فالناس يعملون في كل ما يمكن أن يُتخيّلَ من عمل في القطاع الخاص ...نحن الآن بالقرب من باب "المربع" ، أحد الأبواب التاريخية المُدخِلة للمدينة العتيقة ، التي تمتلأ زقاقها طيلة النهار بباعة الخضر و الفواكه و الأسماك و الملابس و غيرها،فالتجارة هي السبيل الوحيد لكسب لقمة العيش لأغلب سكان صفرو،و المعيشة "ثمن المشتريات من الخضر و..." رخيصة مقارنة بمدن أخرى ...،باب "المربع" هذا يطل على بناية عظيمة تنبجس في زواياها أدراج قليلة تصعد لممرات طويلة تمتد للبصر على محلات تبيع السلع .. ،إنه سوق المربع المعروف لدى سكان صفرو، الذي دائما يكون عاجا بالمتسوقين لكل أنواع السلع..  إلخ إلخ...المدينة العتيقة لصفرو ،تشتمل على زقاق ضيقة و ملتوية ، و هي تعتبر أقدم من المدينة العتيقة لفاس ...




من مكان  مرتفِع عالٍ جدا، تبدو مدينة صفرو كلها تحتكَ منه ،تجد الناس متكئة بأذرعها على حائط طويل تستمتع بالنظر إلى المدينة على شكل آنية الحساء "الزلافة" ، لعله الحائط المتصل بضريح : " سيدي علي بوسرغين" ذو القبة المنتصبة الشامخة، الذي يحج إليه الناس من مناطق متعددة من البلاد ، بحيث يمكن أن نتحدث هنا عن سياحة مرتبطة بالمجيء لهذا الضريح إلى جانب شلال أكاي وموسم حب الملوك "ملكة الجمال" ...إلخ إلخ.. 



مدينة صفرو ،القريبة من مدينة فاس ،مدينة جميلة غاية الجمال،  على الرغم من الفاقة الكبيرة المرتسمة في وجوه أغلب سكانها ... إن مدينة صفرو تحتاج كل الإحتياج إلى التعريف بمقوماتها الطبيعية المهمة "شلال أكاي" و كذا الإمتداد الأخضر الطبيعي الواقع على امتداد كلومترات قبل بلوغ المدينة و كذلك أسوارها الأقدم من أسوار فاس.. حتى يمكننا أن نتكلم في المستقبل عن صفرو تلك المدينة السياحية التي  في مستوى فاس من ناحية تدفق السياح ..إلخ إلخ... 


الصورة : "خ،م" متوقف بجانب البوابة الرئيسية للمدينة العتيقة لمدينة صفرو. 
الصورة الثانية : "خ،م" متوقف بجوار شلال "أكاي" بمدينة صفرو.

ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش ... الحُبّ و المغامرة و الجنون البداعي..



خَلدون المسناوي


ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش الحمراء ،  من أجمل الساحات المتواجدة في العالم برمته. نعم..إنها الساحة التي لا تنتهي الحركة بها أبدا و التي تضم كل ما لا يمكن لأحد تخيله .. حلقات الفرجة : الأفاعي ،الأعمال الفكاهية، القردة ، الرقصات ، العزف على القيتار ، شد الإيقاع على الطبول. المأكولات الشهية.  كراء الدراجات...إلخ إلخ ... على أن ساحة جامع الفنا،  لها جمال مضاعف مع حلول الليل لاسيما مع اهتزاز الأضواء في كنفها و محيطها ، و كذا النظر لها أثناء ها من فوق سطوح المقاهي المستديرة لها ،هو ذا! هو ذا ،سحر ساحة جامع الفنا الفتّاك بمدينة مراكش ..إلخ إلخ...



كانت الساعة تقترب من الخامسة مساء حينما كنا وسط ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش ... الساحة ممتلئة بالناس ،مغاربة و أجانب. الجو حارّ. و الجميع هنا مبتسم أو قل منشرحا بالجو الأنيس المُضمن بكثير من الأشياء الزهية. حلقات ترقيص الأفاعي ، مصورون يحملون على أكتافهم آلات للتصوير تبحث عيونهم عن زبائن ، عربات مستطيلة تنكب على واجهاتها جحافل من الناس ، نقر أو قرع على الطبول يدوي من هنا و  هناك، نساء مراكشيات جميلات يَلُحن بكثرة يقدنَ الدراجات النارية ... 





نحن الآن ،نجلس في "مقهى ـ سطح : فرنسا" ، ساحة جامع الفنا تحت بصري .. الشمس موشكة على الغروب فها هي بدأت تصفر اصفرارا باهتا واهنا تنتشر سهامها بنفاذ  و سطوع مترقق، على كل السطوح البانورامية البادية لبصري : سطح مقهى كلاصي ، سطح مقهى لانصيان ،إلخ إلخ...  الجو حار قليلا هنا بالسطح،و مروحية كهربائية على بعد مسافة قليلة من يساري تبعث رياحها التي تعبث بشعر أجنبيتان بجانبي ...إلخ إلخ... جدران المقهى منقوشة بحس جمالي بالجبس و كذلك سقفها المتبثة فيه مصابيح مغلفة بصفائح فضية مقوسة عليها ..إلخ ... نهضت من الكرسي ، و توكأت بيدي بشيء من القوة على المائدة، حيوية غير منقطعة الحركة على امتداد مساحة الساحة ، التفت يمينا ناحية مدخل قيسارية القصابين ، فبدا لي شبان تحتي أراهم من سطح المقهى، يشرعون في حركات بهلوانية ـ سِركية "أحدهم يقف بقدميه على كتفي الآخر ثم يقفز ثالث على كتفي ...  وهكذا، وسط ذهول جذِل من المارين بجوارهم و الجالسين بالمقهى إلى جانبي ، إذ ها هي أجنبية تشير إلى مرافقها بالمائدة ،  مُمددةً ذراعها صوب أولاء الشبان للنظر نحوهم بل هاهي تفتح حقيبة يدوية موضوعة بقربها على الكرسي و تخرج منها آلة فوتوغرافية و تُقدم مقربة إياها لوجهها ،على تصويرهم ..إلخ إلخ ... 




الشمس التي كانت قبل أزيد من ساعتين تنشر سهامها بترقق مُنعم ، يبدو أنها شرعت "أمام بصري" الآن وأنا متكأ على ظهر الكرسي واضعا  ساق على ساق في تأمل، تتوارى خلف الجبال ، و هاهو  الظلام قد بدأ يهبط من حوالي، بحيث أن الأضواء الناصعة البياض بدأت تشتعل في المحلات و في أكشاك بيع عصير الليمون و أطباق المأكولات الشهية ... و في لحظة ... : الله أكبر ! الله أكبر !! إنه آذان صلاة المغرب الذي يدعو المسلمين للقدوم نحو المساجد ، و الذي يسبغ معنى خاص جدا في ساحة جامع المفنا ، فمسجد "الكتبية" السامق و الملتمع بالأنوار الساطعة في صومعته ، يبت الآذان الذي يجري في دماء الساحة بأسرها إلى جانب مساجد أخرى تتواجد هنا بالمنطقة ، بمعنى يضفي على الساحة أثناء وقت الغروب ،"جمالا صوتيا" خاصا..إنه ذلك الجمال الذي تلتقطه الأذن الذي مضمونه الصوتي المتداخِل : "آذان صلاة المغرب المنبعث من مسجد الكتبية و أصوات الدق على الطبول المتصاعدة ... و لغط الناس الذي لا تميز منه شيئا ...إلخ إلخ... 




اعتدلت في مجلسي، حككت رأسي ثم بدلت موضع المقعد حيث سأصير ناظرا ببصري اتجاه مقهى سطح "لانصيان" ، ارتشفت رشفة قصيرة من فنجان القهوة السوداء المحطوط أمامي ثم استدرت يمينا ناحية تيراس أركانة مستطيلا النظر في واجهتها.. هناك انفجرت قنبلة قبل أربع سنوات خلال احتجاجات الربيع العربي ـ الأمازيغي،فكرت مقطبا حاجبي. جاءني النادل  بحيث كان قد أفزعني فيما أتذكر ،لقد كنت مستغرقا في التفكير حينذاك و أنا أحدق في "أركانة" في مسيرات 20 فبراير، كانت تتردد في ذهني صور المحتجين متهالكين أمام بوابة البرلمان في ذلك اليوم الأول الذي أتذكر و أنا أكتب الآن أنه كان ممطرا حينما انطلقنا  بالصراخ من باب الأحد..إلخ إلخ... قال النادل : "الشباب، خلصني باغي نمشي" ـ كم ـ 15 درهم ـ وقفت وأدخلت يدي في جيبي ثم نقدته الخمسة عشر درهم ...لم تمر سوى لحظات قليلة حتى نهضت لأغادر ... في السلم و أنا نازل لأخرج من المقهى كانت هناك فتاتان مغربيتان صاعدتان إلى "التيراس" ،كانتا تتهامسان في تضاحك ، تنحيت جانبا لأمكنهما من المرور صعودا عبر أدراج السلم ، صعدتا السلم ،إنهما الآن ما زالتا تتضاحكان في غنج ،،تابعت النظر إليهما حتى غابا فوقاً وراء الباب ...إلخ إلخ ... خرجت من مقهى فرنسا ،كان الليل في ذلك الحين لنقل قد اكتمل، السماء قاتمة متخللة بالنجوم   وقليل من الريح يهب من دون أن يكون هناك برد ،اتجهت في طريقي من ناحية "قيسارية القصابين" ، تجاوزتُ  مطعم ـ بار :"لو مراكشي"  عن يميني ، و انصهرت في زخم المارة ...حوانيت المأكولات على الأشكال و حوانيت بيع الآثات و مستلزمات المنازل و... منتشرة يمينا و يسارا... وجدتني بغير إرادة مني في قيسارية "الفتح" ،شأنها شأن قيسارية القصابين ،بيع المنتوجات على الأشكال ... بعد دقائق من التنزه في القيساريات المجاورة لساحة جامع الفنا وجدتني بهذه "أي الساحة" ،بين حلقاتها ،انتقلت من حلقة لأخرى، حينما كنت هاما بالإندماج بين الناس للفرجة على إحدى الحلقات المستديرة "أول الحلقات"،انتبهتُ لالتماعات متفرقة لمصابيح لاقطات الصور "الفلاش" من سطوح المقاهي تلك المحيطة لساحة جامع الفنا ، الحلقة الأولى كانت لترقيص الأفاعي ، أقل من دقيقتين و بارحتها ، الحلقة الثانية ، كان بها رجل و امرأة يرقصان على إيقاع البندير و الكمنجة اللذان كان يتكلف بهما رجل و امرأة كذلك، كان الرجل الأسمر المرتدي سروالا و قميصا و كرافتة، بين فاصل زمني و آخر، يستدير دورتان على نفسه مرتكزا على رؤوس قدم واحدة، كان يدور هذه الدورة على نفسه بشكل يثير ضحك كل المتحلقين عليه، كنت ألحظ في عيون المتفرجين أنهما ينتظران مثلي تلك الدورة من الرجل حول ذاته ليضحكوا!...إلخ...أما الحلقة الثالثة التي انضممتُ لها فلقد كانت فعلا مثيرة ، شاب يعزف على قيتارة  و يضرب في نفس الآن على طبلين أمامه بقدميه،كان  يعزف بينما أنا متوقف أمامه مقطوعة "لاسطيمي كانطاري"  و كان أتذكر، يجيدها عزفا و غناء ا على السواء ، أتذكر أنه كان قد نال مني هذا الشاب فنيا ...إلخ إلخ ... 




تحولت بساحة جامع الفنا بين حلقات متعددة أخرى  لأكثر من ساعتين من الزمن قبل أن أنعطف لزنقة "رياض الزيتون لقديم" ،ثم شققت طريقي نحو رواق "البرانس" ذو الإسفلت الناعم، المتفرع من ساحة جامع الفنا .. جميل  جميل  هذا الرواق ،إنه في هذه اللحظة بالذات التي أتمشى فيها به، يذكرني بإحدى الأروقة الموجودة بالمدينة الجديدة بطنجة ،المقاهي والمطاعم العصرية، الواجهات اللامعة للحوانيت، و الإحساس المفرط بالحميمية الإجتماعية وسط كثرة السائرين ... مررت من قرب سينما مبروكة و استأنفت السير ، سأجد نفسي بعد لحظات قرب سور "البرج" القريب من فندق التازي ،،وراء هذا البرج ينتصب مسجد يعج محيطه بحيوية المارة كل من أراد الترويح عن نفسه يأتي لجانبه،لعلنا نتحدث عن مسجد "مولاي اليزيد"  و الساحة المجاورة له المسماة كذلك باسم مولاي اليزيد، المقتربة من "كومبليكس لارتيزنا" إلخ إلخ...



ساحة جامع الفنا "العَجيبة" بمدينة مراكش الحمراء ، هي ساحةٌ الأجمل ما يكن في الساحات المتواجدة في كل بلاد المغرب الأقصى ، كساحة الهديم بمكناس المهمشة و ساحة باب لمريسة  التي كانت تعج بالحلقات "لقرع مول الحلقة!" التي تم الإجهاز عليها، و ساحات أخرى... ، بل الأجمل ما يكن في كلّ ساحات العالم... إن ساحة  جامع الفنا بمراكش المتوفرة على سحر منقطع النظير و المستقطبة للسياح من كل مناطق العالم،تزخر بأشياء جزيلة ومتنوعة ، تنمي الخيال و تحض على  الحُبّ و الإبداع و المغامرة و  الجنون البداعي ...إلخ إلخ ... 


الصورة : "خ،م" متوقف بساحة جامع الفنا  بمدينة مراكش أمام مطعم "أركانة". 



الأربعاء، 10 يونيو 2015

قرية ميرلفت الأمازِيغية... جمال طبيعي مُبهر لا حدود له..






خَلدُون المسناوِي


بين مدينة تزنيت و سيدي إفني تستقر قرية صغيرة من أروع القرى الساحلية على الإطلاق.. إنها قرية "ميرلفت" الأمازيغية. توصل إليها الحافلة رقم 18 التي تقطع طيلة اليوم المسافة في كلا الإتجاهين بين تزنيت و سيدي إفني  . قرية ميرلفت معروفة بشواطئها الجذابة و النظيفة جدا ، و كذلك تشتهر بالتجمعات السياحية الراقية .. 



يتوافد على ميرلفت كل صيف حينما يشتد القيظ ، عدد كبير من السواح ، إذِ السياح الأوروبيون يجنحون لها أكثر بكثير مما يجنح لها سواح الداخل  الذي أغلبهم يأتيها من المدن المجاورة : سيدي إفني و تيزنيت و أكادير بحيث يكاد لا يعرفها كل سكان البلاد .. قرية ميرلفت ، التي تتوفر على خمسة شواطئ الأزهى مايوجد : شاطئ  إمنتركا، شاطئ الشيخ سيدي محمد بن عبد الله ، شاطئ أفتاس ، شاطئ  تيبوكريشن ، ثم  شاطئ  صوفاج ..إلخ إلخ... 


شواطئ ميرلفت كلها شواطئٌ الأنظف ما يكن من شواطئ المغرب، كما أنه يتوفر بعضها على جروف صخرية سامقة وضخمة تنبت فيها أعشاب البحر و تَعيش بينها حيوانات برية زاحفة تثب بسرعة تخطف البصر ، يتكلف بعض الشبان بصيدها بواسطة وسائل خاصة لذلك .. كل الناس هنا بمرلفت يعرفون أن الجروف الصخرية الصادة لأمواج البحر تضم عددا وافرا من الحيوانات البرية ... لكن هناك من يتحسر عن قتلها و عن عدم تركها تعيش للطبيعة و للإستمتاع بإبصارها من لدن الإنسان ..إلخ إلخ ... 


 بميرلفت، الجميع  يتكلم اللغة الأمازيغية مثل ذلك مثل أكادير و تيزنيت.. في المقاهي ، في المطاعم ، في عربات الأجرة ، داخل الفنادق ، في مراكز الأمن ،إذ وحدها اللغة الأمازيغية التي  تتناهى للآذان هنا ،،، ولعل ما يجب  قوله حقا هنا ،هو أن بعض الأمازيغ بميرلفت إذا تكلمتَ معهم بالدارجة العربية يشيحون عنك أبصارهم و يديرون لك ظهورهم ! ، لا يتكلمون معك كلية ، بل قد تجد في أعينهم إباءً لك، إذ لا يمكن أن لا يقال هذا، بداعي أن ذلك سيمس بالأمازيغ! ما دامت أن الحقيقة هي ما تقال في هذا الباب ...إن بعضا من الأمازيغ في ميرلفت شيء آخر!!..


الأحياء المتواجدة بمرلفت تنشطر إلى قسمان ، أحياء تضم محلات و فنادق موجهة للسياح ، وأحياء خالية من محلات الخدمات الموجهة لهم، كحي "الدرباني" الضام لحوانيت القطع الأثرية والسروج المزخرفة وكل السلع السياحية التي تعكس الثقافة الأمازيغية .. الأولى، طرقها جيدة التعبيد و تُنظف بشكل اعتيادي ، عكس الثانية الغير المتوفرة على، الحوانيت المقدمة للمنتوجات السياحية و كذا الفنادق ، فهي متربة متسخة مغبرة إلخ إلخ ... 

بمرلفت تتواجد مدارس السورف بكثرة ، تتواجد حتى في الزقاق الضيقة ،بكثرة بكثرة  جدا ، إذ مرلفت يصح القول أنها مدينة الرياضات البحرية ، عدد مهم من الشبان يعيش من تعليم هذه الرياضات للسياح الأوروبيين ، يعيشون كذلك من الإشتغال في الفنادق و المناطق السياحية المنتشرة بغزارة وراء مؤسسة"التكوين المهني" الكائنة بالقرية، كفندق  "لابريز" الذي أذكر أن نادلة  كانت قد أتتني فيه بفنجان قهوة احتسيتها وحيدا تحت مظلة بمقهى تابع له... 


قرية ميرلفت الأمازيغية  التابعة لسيدي إفني ، قرية تتوفر على جمال طبيعي  مُبهر لا حدود له .. إنها قرية تستحق بذل مجهودات جمة لاسيما لإنهاض شواطئها بالمزيد من المشاريع السياحية ، وأيضا تستدعي من المسؤولين العدل في الإعتناء بأحيائها جميعها من دون أن يقتصر الإعتناء فقط بالشوارع الآهلة بالفنادق و المحلات الموجهة خدماتها للسياح.. إن قرية ميرلفت يجب على الأقل أن تتطور إيجابيا ،إلى درجة ما وصلت له القرية المحاذية لها "قرية لكْزيرة" من تطور في جميع الإتجاهات ..إلخ إلخ ...



الصورة : "خ،م" جالس بمقهىً قرب أحد شواطئ قرية ميرلفت الأمازِيغية...




الخميس، 4 يونيو 2015

مَدينة إفران المغربية ... المدينة الصِحِيّة الأولى في العالم!..




خَلدون المسناوي


 مدينة إفران الدانية جدا من غابة "بجا" الغزيرة الأشجار،  تقع قبلا عن  "إيموزار كندر"   ليس ببعيد جدا عن مدينة مكناس الإسماعيلية، بحيث تصلها بعد قطعك لبعض الكيلومترات من مكناس مرورا بمدينة الحاجب ...

 إفران، بهية و جميلة في جميع الفصول .. في الشتاء انهمال الثلوج .. في الربيع الإخضرار مكتسح ، في الصيف الحرارة المفعمة بالهواء الرطب.. وفي الخريف ،  الوريقات متساقطة تحت الأشجار يهدهدها الريح الخفيف على الأرصفة و قارعة الطريق ... 

تعرف مدينة إفران الواقعة على مرتفع عال، اندفاعا هائلا لها مع بداية فصل الشتاء من لدن السياح  من باقي مدن المغرب و من خارجه كذلك ... بحيث تتدفق لها العائلات، و الأسر من كل مكان ، بالعربات الخاصة بهم، بعربات الأجرة و،أيضا بالحافلات... إلخ ...وذلك لقضاء بضع أيام بها من أجل الإستمتاع بمنظر الثلوج تتهالك على الجبال و تكسو الأشجار و كذا تنشق الهواء النقي...إلخ إلخ .. 

مدينة إفران المتوفرة على جامعة من أبرز الجامعات في العالم العربي "جامعة الأخوين" ،تتوفر على بنيات تجهيزية جد مهمة لا تضاهيها كل التجهيزات المتواجدة في باقي المدن الثلجية المجاورة لها "قاعة المؤتمرات"  ... كما أنها تعد من بين أنظف المدن المتواجدة في العالم! .. فهي مدينة ذات طابع برجوازي تتشكل من مساكن راقية جدا و عمارات للطبقات الوسطى تسطع من فوقها القراميد البنية التي ينزلق الثلج عليها أثناء نزوله و تحلله إلى ماء ..إلخ ... 

مدينة إفران تتوفر على مستنقع مائي تنعكس عليه الأشجار المحيطة به بشكل باهت ، بحيث تبدو لك الأشجار في أديم ماء "ضاية إفران " كمرآة تعكس ما يحيط بها، ماء ضاية إفران، المائل للإخضرار الفاتح و الذي يطفو على سطحه الإوز ...   كما أن مدينتنا تتوفر أيضا على شلال فيتال إلخ... و أسد جميل بقرب حديقة غالبا ما تجد الناس يلتقطون بجواره الصور الفوتوغرافية ، تقع خلفه حنفيات تنطلق منها المياه من الأسفل إلى الأعلى بشكل مقوس يضفي جمالية باهرة على المكان ... إفران الممتلئة إلى أقصى حد بالمناطق الخضراء يتخللها هدوء شبه مطلق ، هدوء يزيد إلى جانب الهواء الصافي المبتوث بفعل كثرة الحدائق و التجدد الطبيعي للهواء بحكم موقع المدينة المرتفع ، من توفير مناخ جد صحي سامح لتطور جسم الإنسان بأحسن ما يكن ... 

مدينة إفران معروفة كذلك من ناحية أخرى ، باشتمال الغابات المحيطة بها من ناحية طريق الحاجب و أيضا من ناحية الطريق المؤدية لمشليفن ،على القرود ، إذ كثيرا ولا سيما في الربيع و الصيف ما يوغل الناس في الغابات بحثا عنها "القرود" للإستمتاع بمنظر وثبها بين أغصان الأشجار ...كما يمكن أن تجد بقرب مطعم "لا فوري" المشع لمعنى "البرجوازية الأمريكية" في بعض الأحيان، بعض القرود تنط و الناس مغتبطي الوجوه يقدمون لها الموز في جو من التبسم و الجذل ... إلخ إلخ...هذا دونما  الحديث عن "القطط البرجوازية!" المتواجدة بهذه المدينة ...


مدينة إفران أنظف مدينة  في العالم على الإطلاق ولا غرو في ذلك .. إنها مدينة تتميز بمميزات جد استثنائية لا تتوفر عليها أي مدينة مغربية بل في العالم!، و هو الأمر المتعلق في عمقه بالقرار الجذري القاضي  بنظافة مطلقة   للمدينة... إن النقاش عن الوضعية الجمالية و الصحية "الحسنة" لإفران يحتم تسليط النظر إلى باقي المدن المغربية التي ما زال يعج غالبها  في مشكل الأزبال ، ليس ذلك بالقول بضرورة تحويل كل مدننا إلى أنظف مدن في العالم ، و لكن بجعلها مدنا تخلو من هذا المشكل ،حتى لا نصل إلى طريفة : بلد يتوفر على أنظف مدينة في العالم و في نفس الآن يتوفر على أوسخ مدينة فيه: سلا أو العرائش!! ... 




الصورة :"خ،م" متوقف قرب مطعم لافوريست بإفران ...