الاثنين، 22 يونيو 2015

قرية "أوزود" الأمازيغية بإقليم أزيلال ... أبهى و أجمل الشلالات الموجودة في العالم...




خَلدُون المسناوي 

في الطريق المؤدية من أزيلال "تاشلحيت" إلى مراكش من خلال دمنات ، تتفرع طريق متعرجة عن يمينك "تصل مسافتها إلى 16 كلم" تحيط بها الجبال السامقة ، بعد قطعك لها تصل إلى قرية من أبهى  القرى في العالم! ،إنها قرية أوزود .. مثلها مثل أزيلال في أن منازل قميئة قبل بلوغها تنبثق لك في الأعالي ... حوانيت و مطاعم وأكشاك تأتي بالقرب من محطة الطاكسيات ، المطاعم تَعرض أطباقا في الهواء الطلق بالقرب من مناظر الأشجار و العشب .. تتجاوز ببعض الأمتار قليلا هذه المطاعم التي غالبا ما تكون ممتلئة عن آخرها لاسيما بالسواح الأوروبيين ، فإذا بشلال أوزود يخطف سمعك أول مايفعل ،،، الشلال  عبارة عن وهدة عميقة سحيقة تنسكب منها مياه وادي إيغبولا بدرجة دفع قوية ، الوهدة التي ينتشر بها من أعلاها إلى أسفلها الإخضرار ...إلخ...



توقفت قليلا بينما أطل من فوق إلى الأسفل ،، رهيب رهيب الإطلال من هنا.. الحفرة سحيقة جدا والمياه تتدفق بقوة . بقوة،، تقدمت من ناحية الطريق الغابوية المنزلة إلى التحت، بحيث مررت في منحدر متحدِّر باحتراس شديد نزلت فيه من الأعلى إلى التحت ... في الطريق التقيت مرشدا سياحيا مغربيا يتقدم أزيد من عشرة سواح  جميعهم ينزلون محترسين في الطريق المتربة المتخَللة بالأجذع الملتوية الفظة،لقد استمررت في المشي في هبطة وعرة بتحدر كبير إلى أن وصلت أخيرا إلى الوادي ... إذ هاهي المياه أمامي منبسطةٌ ،،،وضعت قدمي على جسر خشبي مرتفع بأقل من نصف متر عن الماء   و سرت عليه لمسافة قليلة بحيث انتقلت للجهة الأخرى ،رفعت رأسي للفوق للمرتفع الذي كنت قبل قليل أطل منه ،أوووه! ،سيلان الماء من فوق إلى التحت على مسافة قرابة ثلاثون مترا من الإرتفاع يُحدِث صوتا مسترسلا صوتا مدويا قويا يحيل إلى معنى الإقدام و التحدي..المياه المنبسطة أمام، بصري :على شاكلة مسبح ، الشباب الآتون إلى هنا يتمردون على اليافطة المكتوب عليها :"ممنوع السباحة" ، و يسبحون في مسبح الشلال هذا.. بحيث يعتلون صخرات ضخمة بجانب المسبح و يرتمون منها.. إلخ إلخ... و هاهي أجنبيتان تنضوان أمامي ثيابهما و تلبثان بالمايوه،،إلخ،،،ثم تصعدان على صخرة بتأنٍ مُسرف ثم ترتميان إلى الماء ..:شَاخ... 



الأجانب المتدفقين على شلالات أوزود ليسوا  من أوروبا فقط بل حتى من القارات الأخرى ، الجميع هنا من الأجانب و من زوار أوزود المغاربة ، تجده يلتقط الصور الفوتوغرافية بالهواتف النقالة والمصورات المتطورة ، للشلال لوحده ثم لهم متوقفين بجوار الشلال ...شبان أمازيغ من أبناء المنطقة، يتسلقون ناحية الوهدة الناظرة للشلال ثم يرتمون نحو الأسفل ، في منظر مُبهر .. شبان آخرون يبدو عليهم من خارج منطقة أوزود ينصبون خيمة بدقهم لأوتاد على الأرض بزوايا الخيمة بينما كنت مستلق عاري النصف الفوقي على  ظهري واضعا حقيبة السفر بجانبي أتأمل تدفق مياه الشلال من أعلى مشهدا وخريرا...



بشلالات أوزود التي ذكرتني حينما وقفت قدامها ،بمنطقة "بارادايز فالي" المحاذية لأكادير،تجتذب نظرك مراكب صغيرة مصنوعة بشكل عجيب مخصصة للتجول بالزوار لمسافة معينة على الوادي "الذي يبدو من خلال النظر إليه أخضر اللون"  ، المراكب هذه ظهورها مُدثرة بثوب سميك أخضر  ، و هي بشكل أساسي عبارة عن صفائح خشبية مثبتة بإحكام على براميل بلاستيكية متمكنة من رفع أحمال ثقيلة ..كل مركب يتشكل من حوالي إثناعشر برميل كبير، و "كنبات" منمقة و مزوقة بورود اصطناعية في أطرافها ،و مغلفة بأثواب كستنائية ، فيما هناك صنف آخر من المقاعد المثبتة على المراكب هاته ، منسوج من القصب بشكل يزهو البصر ، لحظة لحظة! ، الآن خمسة نساء يتقدمن  من شاب مضطجع على مركب يتمايل على الماء الذي يتهدهد الآن بجواري  و يبدو مؤكدا أنهن يطلبن منه تجوله بهن عبر المركب ،إنهن الآن يركبن جذلات الوجوه على المقاعد تلك وهاهي أذرع ذاك الشاب تنتفخ قوة جراء تدويره للمجدفين في الماء بشكل يجعل المركب يتحرّك.. إلخ إلخ ... 

أتذكر عندما كنت في أوزود :

 أمهات و أباء مع أطفالهم  يسبحون بقربهم في ناحية المياه الوتيرة الإرتفاع على مرأى من ذويهم ...يافعون يرشقون فيما يُظنّ رفيقهم المحشو في حفرة هناك في الأعلى في منظر مرح،رفيقهم الذي سيرتمي بعد قليل صارخا بأعلى صوته هِيييييه ... شاخ،كذلك شبان عرايا النصف الأعلى صعدوا لتوهم من الماء، يضطجعون على ظهورهم على صخرات   تاركين سهام الشمس تسلخ صدورهم المبللة ،و آخرون يجلسون إلى ظل صخرات و شجيرات يستمتعون بنسيم الظلال ..إلخ إلخ...

أتذكر أيضاً : ...

طيورٌ  في علاء الشلال ،ناشِرةً أجْنِحَتَهَا، تحوم  في الهواء جيئةً و ذهاباً، تشع على المكان جمالاً خاصاً .. و بالقرب من الشلال على مسافة قريبة ، ينتشر في الأثير نسيم  ثقيل حامل لدقائق ماء صغيرة باردة تنبجس عن اصطدام المياه "التي تنزل مقوسة" من علو مرتفع نحو الأسفل أي نحو المسبح المتشكل تلقائيا من انهمال أقواس المياه الناصعة البياض ...

نساء يعرضن خدمة "النقش بالحناء" على الأذرع و الأكف تحت مظلات مشرعَات إلى نهايتها ...

أنني كنت قد شاهدت شبانا يطهون طجينا فوق نار مشتعلة .. 

أنني لمحت حبالا سميكة ينشر عليها الشبان ثيابهم المبللة لتُنشف تحت سهام الشمس..


أنني كنت قد رأيت "قوس قزح" فوق شبان و يافعين يخبطون وهم يسبحون بأذرعهم و أقدامهم في مياه المسبح الدائمة الإرتجاف..

إلخ ...

بقرية أوزود ذات الصيت العالمي، هناك عدة تجمعات سياحية و شقق مفروشة  للكراء ، يأوي إليها الزوار من كل صوب و حدب ،إلا أن ليس هناك فقط بالقرية ذاتها لمن يريد المجيء إليها للتخييم ،هذه التجمعات السياحية و الشقق المفروشة فحسب ، بل إن هناك كذلك ، ساحات فارغة تكترى للراغبين في قضاء عطلة داخل الخيام التي يأتون بها بجوار الشلال ذاته وهي الساحات المجهزة بالدش و المراحيض...إلخ إلخ ... 



بأوزود ،هناك مطاعم و مقاهي تقدم الطاجين على الأنواع لاسيما ،طجين : "المعزي" نوع الماشية المنتشر كثيرا بإقليم أزيلال .. بالنسبة للمقاهي فهي تتواجد في الأسفل قرب مسبح الشلال ، و هي عبارة عن مقاهي مصنوعة جدرانها وسقوفها من "القصب" بشكل متداخل مرتب جميل يثير بصر الزبائن. كؤوس القهوة و الشاي تُحضَّر بطرق تقليدية ،بحيث أن هذه المقاهي لا تتوفر على المعدات العصرية، كما أن الموائد التي تُوضع عليها طلبات المشروبات مهترئة  ...إلخ إلخ... أما بالنسبة للمطاعم فهي تتواجد في الطابقين الثاني و الثالث و الرابع إذا كنت أتذكر جيدا، هذه المطاعم تلجها من خلال صعودك الأدراج المطلعة من قرب مسبح الشلال إلى الفوق نهاية الطوابق، قبل مغادرتك الشلالات ... على أن هناك منشأة سياحية ضخمة هناك في أعلى مرتفع في أرض أوزود تطل على الشلال من فوق،  في طور البناء ، و ذلك في إطار التطوير الذي تعرفه منطقة أوزود الأيام الأخيرة ... أثناء الصعود على أدراج السلم المُصعد من تحت إلى فوق، و الذي يرهق في العادة، الصعود حتى منتهاه ، تتلفت إلى محلات عدة، تعرض الثياب الأمازيغية و مستلزمات المنازل ذات الطابع الأمازيغي"تشلحيت" ..إلخ... 


شلالات أوزود "الأمازيغية" بإقليم أزيلال ، من أروع و أبهى و أجمل الشلالات و المناظر الطبيعية الموجودة في العالم بأسره، و كذا الجاذب الأساسي إلى جانب "سد بين الويدان"، للسواح  بالنسبة لمنطقة أزيلال الأمازيغية الشامخة بجبالها "تشلحيت" ... لكنها على الرغم من كل التجهيزات المتواجدة بقريتها إلى حدود اليوم ،  ما زالت لنقُل، تفتقر إلى التجهيزات العتيدة التي تستحقها كمكان برّاق جدير بالإهتمام البالغ و الجدي ، الزائد على ما يعبر عنه الوضع التجهيزي بأوزود ـ اليوم... إن أوزود ضحية الحسابات السياسية الضيقة التي للأسف تُرتهن فيها ثروة طبيعية لا نظير ولا مثيل لها "أي أوزود" ، الحسابات السياسية الإنتخابوية التي تُجمد التوافد السياحي لها، الذي مهما قيل يبقى ضعيفا مقارنة بالقيمة الطبيعية لأوزود ، هذا دونما الحديث طبعا عن المشاكل الجمة التي يعيشها سكان القرية منذ سنين ..إلخ إلخ ...



الصورة : شلالات أوزود بأزيلال .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق